للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الخامس

[المغامرة الصقلية]

كان خيال ألقبيادس هو الذي أفسد عمل بركليز. ذلك أن أثينة قد انتعشت بعد ما حل بها من كوارث الحرب، وأخذت التجارة تدر عليها ثروة جزائر بحر إيجة. لكن القانون الطبيعي الذي يخضع له كل كائن حي هو قانون النماء الذاتي؛ فأما المطامع والإمبراطوريات فلا تقنع أبداً بما تبلغ، ولا تقف أبداً عند حد. وكان ألقبيادس يطمع في أن يبني لأثينة إمبراطورية جديدة في مدائن إيطاليا وصقلية الغنية، حيث تستطيع أن تجد الغلال، والمواد، والرجال، وحيث تستطيع أن تسيطر على موارد الطعام في البلوبونيز، وتضاعف الخراج الذي كان يوشك أن يجعلها أعظم المدن اليونانية. ولم يكن في وسع أية مدينة أن تنافسها غير سرقوصة، ولم تكن هي تطيق التفكير في هذه المنافسة، وكانت ترى أنها إن استولت على سرقوصة خضع لسلطانها جميع حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي، ونالت أثينة من المجد ما لم يحلم به بركليز نفسه.

وحدث في عام ٤٢٧ أن حذت صقلية حذو بلاد اليونان الأصلية فانقسمت إلى معسكرين متنازعين، تتزعم أحدهما سرقوصة الدورية، وتتزعم الأخرى ليونتيني Leontini الأيونية. وأرسلت ليونتيني غورغياس إلى أثينة يستنجدها، ولكن أثينة كانت وقتئذ أضعف من أن تغيث مستغيثاً.

وفي عام ٤١٦ أرسلت سجستا رسلاً إلى أثينة يبلغونها أن سرقوصة تعد العدة لتخضع صقلية كلها، وتفرض عليها حكومة دورية، وتمد إسبارطة بالمؤن والأموال إذا ما تجددت الحرب الكبرى. واغتنم ألقبيادس هذه الفرصة السانحة وقال إن اليونان في صقلية منقسمون على أنفسهم انقساماً لا يرجى من ورائه لهم