من واجبنا أن نعود الآن القهقرى لنشيد في إيجاز بذكر مصورين ولدا بعد مولد تيشيان ولكنهما توفيا قبله بزمن طويل. إن علينا أن ننحني في إجلال قبل أن نختم هذا الفصل أمام جيرولامو سافلدو Girolamo Salvaldo الذي قدم إلى البندقية من بريشيا وفلورنس، ورسم صورتين ممتازتين هما صورة العذراء والقديسين الموجودة الآن في معرض بريرا، ثم صورة فاتنة للقديس متى محفوظة في متحف الفنون بنيويورك، وصورة مجدلين المحفوظة في برلين، وهي أكثر إغواء من صورة السيدة البدينة المسماة بهذا الاسم نفسه والتي رسمها تيشيان.
وقد أطلق على جياكومو نجريتي Giacomo Nigreti اسم بالما Palma نسبة إلى بعض تلال بالقرب من مسقط رأسه سيرينا Serina في الألب البرماسية Bermasque، ثم أصبح اسمه بالما فتشيو حين ذاعت شهرة بالما جيوفاني ابن أخيه. وظل معاصروه هو وتيشيان وقتاً ما يرونهما ندين. ولعل عوامل الغيرة قد دبت بين الرجلين، ولم تخف حدتها بعد أن سرق تيشيان عشيقة جياكومو. ذلك أن جياكومو كان قد رسم لها صورة سماها فيولنتي Violante، ثم جاء تيشيان فاتخذها نموذجا لصورة فلورا. وكان بالما، كما كان تيشيان، بارعاً في تصوير الموضوعات الطاهرة والدنسة بدرجة واحدة من المهارة إن لم نقل بدرجة واحدة من الحماسة، وقد تخصص في تصوير الأحاديث الدينية أو الأسر المقدسة، ولكن شهرته في أكبر الظن ترجع إلى صور الفتيات البندقيات الشقراوات - أي النساء الناهدات اللائى يصبغن شعرهن صبغة سوداء ضاربة إلى الحمرة. مع هذا فان أجمل صوره هي الصور الدينية: القديسة بربارا المعلقة في كنيسة سانتا ماريا فرموزا Santa Maria Formosa، وهي شفيعة المدفعيين