لما ارتقى جريجوري الثاني عرش البابوية في عام ١٢٧١ كانت الكنيسة مرة أخرى في عنفوان قوتها. ولم يكن جريجوري بابا فحسب، بل كان إلى هذا مسيحياً متمسكاً بآداب المسيحية. كان رجل سلام ومحبة، ينشد العدالة لا النصر. وكان يأمل أن يسترد فلسطين بجهد واحد جامح، فأقنع البندقية، وجنوى، وبولونيا بأن تضع حداً للحروب القائمة بينها، وعمل على أن يختار رودلف هيسبرج Rudolf of Hapsburg إمبراطوراً، ولكنه خفف بلطفه ورقته غضب المهزومين من المطالبين بالعرش، ووفق بين طائفتي الجلف Guelf والجبلين Ghibeline في فلورنس وسيينا المنقسمتين على نفسيهما، وقال لمؤيدين من الجلف "إن أعدائكم جبلينيون ولكنهم مع ذلك رجال، ومواطنون، ومسيحيون"(٩٣). ودعا أحبار الكنيسة إلى مجلس يعقد في ليون (١٢٧٤)، وجاءه في عام ١٥٧٠ زعماء الكنيسة وأرسلت كل دولة عظمى ممثلاً لها، وبعث إمبراطور الروم برؤساء الكنيسة اليونانية ليؤكد من جديد خضوعها للكرسي البابوي في روما وأنشد رجال الدين اللاتين واليونان معاً نشيد الفرح والغبطة. ودعا الأساقفة أن يتقدموا بما في الكنيسة من عيوب تحتاج إلى الإصلاح، فلبوا الدعوة في صراحة منقطعة النظير (٩٤)، وسنت القوانين التي أريد بها تخفيف حدة هذه الشرور واتحدت أوربا كلها اتحاداً رائعاً لتقوم بمجهود ضد المسلمين. ولكن جريجوري مات وهو عائد إلى روما (١٢٧٦) وشغلت السياسة الإيطالية خلفاءه فلم يستطيعوا تنفيذ ما وضعه من خطط.
ومه هذا فإنه لما أختير بنيفاس الثامن بابا في عام ١٢٩٤ كانت البابوية