للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

الفتح الإسلامي (١)

إضعاف الهند - محمود الغزنوي - سلطنة دلهي - انحرافاتها

الثقافية - سياستها الوحشية - عبرة التاريخ الهندي

لعل الفتح الإسلامي للهند أن يكون أكثر قصص التاريخ تلطخاً بالدماء (٢)؛ وإن حكاية الفتح لمما يبعث اليأس في النفوس لأن مغزاها الواضح هو أن المدنية مضطربة الخطى، وأن مُركبَّها الرقيق الذي قوامه النظام والحرية، والثقافة والسلام، قد يتحطم في لحظة على أيدي جماعة من الهمج تأتي من الخارج غازية (٣)، أو تتكاثر في الداخل متوالدة؛ فهؤلاء هم الهندوسيون قد تركوا أنفسهم للانقسام والقتال الداخليين يفتان في عضدهم، واتخذوا لأنفسهم البوذية والجانتية ديناً، فأخمد مثل هذا الدين جذوة الحياة في قلوبهم بحيث عجزوا عن الصمود لمشاقها؛ ولم يستطيعوا تنظيم قواهم لحماية حدودهم وعواصمهم وثروتهم وحريتهم من طوائف السُّكيَّت والهون والأفغان والأتراك الذين ما فتئوا يجوبون حول حدود البلاد يرقبون ضعف أهلها لينفذوا إلى جوفها، فكأنما لبثت الهند أربعة قرون (من ٦٠٠ إلى ١٠٠٠ م) تغري الفاتحين بفتحها، حتى جاءهم هذا الفتح حقيقة واقعة آخر الأمر.

وكانت أول هجمة للمسلمين إغارة عابرة منهم على "ملطان" التي تقع في الجزء الغربي من البنجاب (سنة ٦٦٤ م)، ثم وقعت من المسلمين إغارات أخرى شبيهة بهذه كان فيها النجاح حليفهم مدى الثلاثة القرون التالية، حتى انتهى بهم الأمر إلى توطيد سلطانهم في وادي نهر السند في نحو الوقت الذي


(١) في هذا الفصل تحامل ظاهر على الفتح الإسلامي للهند، لكننا مضطرون إلى تركه كما هو لتناوله المؤرخون بالرد، وليقرأه القارئون قراءة النقد لا قراءة التسليم. (المعرب)
(٢) إن المنهج العلمي الأمين يرفض مثل هذه الإطلاقات، ويرفض استعمال أفعل التفضيل بهذه البساطة، وإلقاء القول على عواهنه دون بينة حاسمة أكيدة … وليس من المنتظر أن يكون هناك حرب دون دماء، وقد شهد التاريخ في أزمنة وأمكنة متعددة، حتى في العصر الحديث سفك دماء أكثر مما سفك في الفتح الإسلامي للهند …
(٣) إن حقائق التاريخ تعرف أن المسلمين حين فتحوا الهند لم يكونوا "جماعة من الهمج" ولو كانوا كذلك لما تركوا آثارهم الواضحة على حضارة الهند، مما أوضحه كبار مثقفي الهنود من غير المسلمين مثل الزعيم نهرو في كتاباته التاريخية. (الإدارة الثقافية)