وكان الأدب الإنجليزي في جملته في عهد إليزابث- فيما خلا الدراما- متخلفاً جيلاً عن الأدب الفرنسي. كان النثر قوياً مرناً، وفي الغالب معقداً مطنباً إلى حد الضجر، خيالياً، ولكنه أحياناً يحرك المشاعر بجلاله الملكي أو إيقاعه الفخم. ولم ينتج النثر الإنجليزي أحداً مثل رابليه أو مونتاني، وقلد الشعر الأشكال الأجنبية في حرص وحذر، باستثناء The Faerie Queen, Eoithalamium ولم يجد بسنسر قراء له في القارة قط، كما لم يجد رونسار (شاعر فرنسي في القرن السادس عشر) قراء له في إنجلترا. فان الشعر يخلق من اللغة والعاطفة موسيقى لا يمكن الاستماع إليها خارج حدود الكلام، لقد اتصلت الأغاني الشعبية البسيطة بالناس ووصلت إليهم، بشكل أشد وثاقاً مما فعل شعر القصور والبلاط، فان الغاني كانت معلقة على جدران البيوت والحانات، وكانت تغنى وتباع في الشوارع، وما زالت أغنية "لورد راندال" تهز مشاعرنا بلحنها الحزين (٣٣). وربما كان هذا الشعر الشعبي- لا المحسنات البارعة اللطيفة- في قصائد السونيت، هي التي مهدت عقول الناس في عصر إليزابث ليقدروا شكسبير.
[٥ - المسرح]
كيف إذن، صعد الأدب الإنجليزي التافه إلى هذا الحد في فترة الجفاف الطويل بين تشوير وسبنسر، نقول إذن كيف صعد هذا الأدب إلى شكسبير؟ لعله بسبب نمو الثروة وانتشارها، والسلام الطويل المثمر، وبسبب الحرب المثير الظافرة، والآداب الأجنبية والأسفار التي وسعت عقول الإنجليز. وكان بلوتس وترنس Terence يعلمان إنجلترا فن الملهاة كما يعلمها سنكا أسلوب معالجة المأساة. ومثل الممثلون الإيطاليون في إنجلترا (١٥٧٧ وما بعدها) وأجريت آلاف التجارب. وفيما بين عامي ١٥٩٢ و١٦٤٢ شاهدت إنجلترا ٤٣٥ ملهاة تمثل. وتطورت الهزليات والفصول الإضافية إلى ملهاة. وتخلت الأسرار الدينية والتعاليم الأخلاقية عن مكانها للمسرحيات المأساوية الدنيوية، كما فقدت الأساطير المقدسة سلطانها على القصيدة. وفي ١٥٥٣ أخرج نيقولا يودال في Ralph Roister Doister أول ملهاة