يجب ألا نتصور نابليون كما رسمه جروس Gros في سنة ١٧٩٦ - يحملُ علماً في إحدى يديه وسيفاً مُشهراً في يده الأخرى بزيه المزخرف بالأحزمة الملونة والشارة الرسمية للسلطة، وشعره الكستنائي الهائج بفعل الرياح، وعينيه وحاجبيه وشفتيه المضمومتين بما توحيه هيئة كل هذه الأعضاء من عزم وتصميم. إن هذا التصور أبعد ما يكون عن الحقيقة. ويُقال إن جروس قد رآه - عندما كان أصغر بعامين من بطله (نابليون) البالغ من العمر سبعة وعشرين عاما - يغرس العلم على جسر أركول Arcole، لكن ربما كانت اللوحة التي رسمها تمثل حبا شديداً مفعماً بالحماسة. إنه الفنان عندما يتعبّد في محراب رجل الانجازات.
ومع هذا فإن جوري Guerin عندما رسم نابليون بعد ذلك بعامين مُبرزا في الأساس الملامح نفسها: شعرٌ متدلّ على الجبهة والكتفين، حاجبان مقوّسان على عينين داكنتين ثابتتين، وأنف مستقيم مدبّب حاد كإرادته، وشفتان مزمومتان عازمتان كعقله. هذا التصور - أيضاً - ليس إلاَّ جانباً واحداً من جوانب شخصية الرجل (نابليون) - شخصية الرجل العسكري، فهناك جوانب أخرى كثيرة يمكن أن تُخفف من حدة هذه القسمات - كصورته وهو يشد أُذُنَيْ سكرتيره مداعباً أو صورته وهو ينحني بشوق أبوي على الطفل ملك روما King of Rome.
وبحلول سنة ١٨٠٢ قص خصلات الشعر الطويلة هذه كلها فيما عدا خصلة واحدة تركها تتدلى على جبهته غير البارزة، وبعد الأربعين بدا متثاقلاً واعتاد أحياناً أن يضع يده على كرشه، وعادة ما كان يعقد يديه خلف ظهره خاصة أثناء المشي، وقد ترسخت فيه هذه العادة حتى أنها كانت تكشف شخصيته في الحفلات التنكرية. وطوال حياته كانت يداه تجذبان الانتباه بجمال بشرتهما واكتمالهما