للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثامن

[مالية الكنيسة]

لقد كانت الكنيسة في واقع الأمر دولة أوروبية فوق الدول جميعها، تضطلع بشؤون العبادات، والأخلاق، والتعليم، والزواج، والحروب العامة، والحروب الصليبية، والموت، والوصايا، لنصف سكان قارة من القارات، وتشترك اشتراكاً فعلياً في تصريف الشؤون الزمنية، وتقيم أكثر الصروح نفقة في تاريخ العصور الوسطى، ولهذا كله لم تكن تستطيع أن تقوم بهذه الوظائف كلها إلا باستغلال مائة مصدر من مصادر الإيراد.

وكانت العشور أكبر مصادر هذا الإيراد: ذلك أن قانون الدولة فرض بعد شارلمان على جميع الأراضي التي يمتلكها غير رجال الدين أن تؤدي عشر مجموع غلتها أو ريعها عيناً أو نقداً إلى الكنيسة المحلية؛ كذلك فرض على كل أبرشية بعد القرن العاشر أن تبعث بجزء من عشورها إلى مطران الأسقفية. وأجازت مبادئ الإقطاع أن تقطع عشور الأبرشية للغير، وترهن، ويوصي بها، وتباع، شأنها في هذا الشأن جميع الأملاك أو الإيراد، فلم يكد يحل القرن الثاني عشر حتى نشأت شبكة مالية معقدة كانت الكنيسة المحلية وقسيسها هما القائمين على جمع عشورها ولم يكونا من مستهلكيها، وكان ينتظر من القس أن "يصب اللعنات من أجل عشوره" على حد قول الإنجليز - أي أن يخرج من الدين من يحاولون التملص من أدائها أو يزورون في إيرادهم؛ لأن الناس في تلك الأيام كانوا يكرهون أداء العشور للكنيسة التي يرون أن أعمالها لازمة لنجاتهم، كما يكرهون في هذه الأيام أداء الضرائب للدولة. فنحن نسمع عن ثورات يقوم بها دافعوا العشور من آن إلى آن، فقد حدث في رجيو إميليا Reggio Emilia عام