اعتراضاً آخر من اللاهوت والأخلاق الجانسبية الصارمة على تيسير اليسوعية بين للمسيحية حتى توائم الطبيعة البشرية.
[٣ - الجانسنيون واليسوعيون]
كان كورنيليس جانس هولندياً، ولد في ولاية أوترخت لأبوين كاثوليكين، ولكنه تأثر تأثراً عميقاً باللاهوت الأوغسطيني الذي دان به جيرانه الكالفنيون. فلما ألتحق بجامعة لونان الكاثوليكية (١٦٠٢) وجدها مضطرمة بجدل عنيف بين الحزب اليسوعي أو السكولاستي، وشيعة تتبع الآراء الأوغسطينية التي نادى بها ميخائيل بايوس في الجبرية والنعمة الإلهية. وانحاز جانسن إلى الأوغسطينيين. وفي الفترة بين دراسته السابقة للتخرج وعمله أستاذاً، قبل جانس دعوة وجهها إليه زميل يدعى جان دوفرجييه دهوران ليعيش معه في بايون. وقد درسا القديس بولس والقديس أوغسطين، واتفقا على أن خير سبيل للدفاع عن الكاثوليكية ضد الكالفنيين الهولنديين والهيجونوت الفرنسيين هو الإقتداء بأوغسطين في تشديده على النعمة الإلهية والجبرية، وتأصيل دستور أخلاقي صارم بين الأكليروس والعلمانيين الكاثوليك، يفضح الانحلال المنتشر في البلاط والأديار، كما يفضح أخلاقيات اليسوعيين الهينة اللينة.
وفي ١٦١٦، بينما كان جانس رئيساً لبيت للطلاب الهولنديين في لوفان، هاجم لاهوت اليسوعيين في حرية الإرادة، وبشر ببيورتانية صوفية قريبة من التقوية التي كانت بسبيل التشكل في هولندا، وإنجلترا، وألمانيا. ثم واصل الحرب أستاذاً لتفسير الكتاب المقدس بلوفان وأسقفا لأيبر. وترك عند موته (١٦٣٨) رسالة كبيرة-لم ينجزها تماماً-عنوانها "أوغسطينيوس" ما لبثت بعد نشرها في ١٦٤٠ أن أصبحت البرنامج العقائدي