للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

[إبكتتس]

وُلِدَ ابكتتس في هيرابوليس Hierapolis من أعمال فريجيا عام ٥٠ م، وكانت أمه جارية فكان هو لهذا السبب عبداً. ولم تُتَح له فرصة للتعلم لأنه صار يتنقل من سيد إلى سيد، ومن مدينة إلى مدينة، حتى وجد نفسه مملوكاً لإفروديتس Epaphroditus وهو معتوق ذو سلطة في بلاط نيرون، وكان ضعيف الجسم أعرج، ولعل سبب ضعفه وعرجه هو وحشية أحد أسياده، ولكنه عاش السبعين عاماً التي يعيشها الرجل العادي. وقد سمح له إفروديتس أن يستمع إلى محاضرات موسنيوس روفس، ثم حرره فيما بعد وما من شك في أن إبكنتس قد اشتغل معلماً في روما، لأنه كان بيم من فروا منها حين نفى دومتيان الفلاسفة. ثم استقر في نقوبوليس واجتذب إلى محاضراته فيها طلاباً من جميع الأنحاء منهم أريان النيقوميدي الذي أصبح فيما بعد حاكم طبدوكيا. وقد دون أريان عبارات ابكنتس، وأكبر الظن أنه دونها بطريقة الاختزال ثم نشرها بإسم " Diatribai" أي عبارات "ممسوحة" أو نسخ - وهي التي تُذكر الآن بين قوائم أحسن الكتب في العالم بعنوان أحاديث Discourses (١) وليس هذا الكتاب رسالة ثقيلة مملة، بل هي حديث بسيط جيد، وفكاهة حلوة، تكشف في وضوح عن خُلق متواضع حنون، ولكنه خلق قوي صارم. وكان ابكنتس يستخدم سخريته اللاذعة للاستهزاء بنفسه وبغيره على السواء، ويسخر في مرح من أسلوبه الجاف الخالي من التنميق. ولم يشك قد حين سمع دمناكس الأعزب العجوز ينصح الناس بالزواج، وأراد أن يسخر منه فتقدّم


(١) وأصدر أريان فيما بعد كتاباً آخر بإسم Encheiridion أو "الموجز" لإبكنتس.