وأصبح نحيلاً شاحباً حتى الذين رأوه تعذر عليهم أن يصدقوا أنه على قيد الحياة. وكابد الآلام سنوات من البواسير. وأصيب الفالج في بعض الأحيان. وفي الخامس والعشرين من أغسطس عام ١٤٨٣، أصابته نوبة من الفالج أفقدته النطق، وما لبث خمسة أيام حتى مات.
فابتهج رعاياه، لأنه أجبرهم على أن يدفعوا ما لا طاقة لهم به من تكاليف هزائمه وانتصاراته، مما زاد الشعب فقراً، وفرنسا عظمة ومجداً، في كنف سياسته التي لا ترحم. ومع ذلك فإن العصور التي جاءت بعده، أفادت من إخضاع النبلاء، وإعادة تنظيم المالية والإدارة والدفاع، ورقيه بالصناعة والتجارة والطباعة، وتكوينه دولة موحدة حديثة. ولقد كتب كومنيس "إذا أحصيت جميع أيام حياته وعقدت موازنة بين المسرات والمباهج وبين آلامه ومتاعبه، فستكون النتيجة، عشرين يوماً محزناً في مقابل يوم واحد بهيج. ولقد دفع هو وجيله ثمن ازدهار فرنسا وأبهتها في المستقبل".
[٢ - المغامرة الإيطالية]
وكان شارل الثامن في الثالثة من عمره عندما مات أبوه فلبثت أخته آن دي بوجيه، ولم تكن تكبره بغير عشر سنين، تحكم فرنسا بتعقل ثمان سنوات. فخفضت نفقات الحكومة، وأعفت الشعب من ربع ضريبة الرؤوس، وأعادت كثيرين من المنفيين، وأطلقت سراح كثيرين من المسجونين، ووفقت في مقاومة محاولات البارونات، "الحرب الحمقاء"(١٤٨٥)، لاستعادة سيادتهم المحلية التي انتزعها لويس. ولما اشتركت بريتاني مع أورليان ولورين وانجوليم وأورانج ونافار في عصيان آخر، استطاعت بدبلوماسيتها وقيادة لويس دي لاترمويل أن تهزم الجميع، وكانت مظفرة في وضع حد لهذه المشكلة بأن أعدت لزواج شارل من آن صاحبة بريتاني، التي قدمت دوقيتها العظيمة صداقاً لتاج فرنسا (١٤٩١). وعندئذ اعتزلت