أكثر غذائهم من زكيبة من الشوفان يحملونها دورياً من مزارع آبائهم. وكذلك كان الأساتذة قوماً ذوي جلد وزهد، ندر أن تقاضي أحدهم أكثر من ستين جنيهاً في العام. وكاد اللاهوت في الجامعات أن يكون لب المنهج-كما كان في مدارس الأبرشيات. ولكن الآداب الكلاسيكية كانت تدرس ومعها قليل من العلوم؛ وتأثر الذهن الاسكتلندي بفكر أوربا العلماني. من ذلك أن فرانسس هتشسن، الذي شغل كرسي الفلسفة الأخلاقية في جلاسجو (١٧٢٩ - ٤٦)، نّحى الدجل الدجماطيقي، وأرسى علم الأخلاق على أسس طبيعية. وشابت الهرطقة الأريوسية عقيدة الطلاب والأساتذة على السواء-وهي التي زعمت أن المسيح، رغم ألوهيته، لم يكن معادلاً لله الآب أو مساوياً له في أزليته. وذكر مؤلف اسكتلندي في ١٧١٤ "الرواج الشديد بين شباب الأعيان والطلاب" لأفكار هوبز وسبينوزا (٦٧). وكوّنت جماعات صغيرة من الشبان الذين ثملوا بخمر التحرر أندية-مثل "الجمعية الكبريتية" و "نار الجحيم" و "الفرسان سيئي السمعة"-تبشر بالإلحاد في تفاخر؛ ولعلهم اختلطوا بالساخطين الاستيوارتيين. ذلك أن إسكتلندة-إذا استثنينا طبقات التجار التي ارتبطت بالاقتصاد الإنجليزي-كانت لا تزال تنتشي بذكرى أسرة ستيوارت، وتحلم باليوم الذي يقود فيه جيمس الثالث، أو ابنه، الاسكتلنديين مرة أخرى عبر الحدود ليرد أسرة اسكتلندية إلى العرش البريطاني.
[٨ - الأمير تشارلي الجميل]
١٧٤٥
سكان جيمس الثالث قد أفنى نفسه في محاولات عقيمة لقيادة حملة على إنجلترا أو إسكتلندة. وفي ١٧١٩ تزوج ماريا كلمنتينا سوبيسكا، حفيدة أشهر ملوك بولندة، وكان الزواج تعساً، ولكنه أعطى جيمس ولداً كان وجهه الحلو وطبعه المرح-اللذان ربما ارتدا إلى ماري ملكة الاسكتلنديين-مفخرة ومشكلة لأبويه. وأطلقت إنجلترا على تشارلز أدرود ستيوارت هذا لقب "المطالب الشاب""، أما إسكتلندة فسمته "الأمير تشارلي الجميل". وشب تشارلز دون أن ينال من التعليم حظاً كبيراً لأنه نشأ في بيت يسوده الشقاق، وتعلم مذهبين متناقضين على يد مهذبيه الكاثوليك والبروتستنت، ولكنه وُهب كل مفاتن الشباب