بين بحر بنتس وجبال القوقاز تقوم جبال أرمينية ذات القلل الشعثاء التي رست عليها سفينة نوح، كما تقول قصة الطوفان، وفي أوديتها الخفية كانت تمتد الطرق التي تصل بارثيا وأرض الجزيرة بالبحر الأسود، ومن أجل هذا كانت الإمبراطوريات تتنافس على امتلاك أرمينية. وكان سكانها من الجنس الهندوربي يمتّون بصلة القربى للحثيين والفريجيين، ولكنهم ظلوا محتفظين بأنفهم الأناضولي. وكانوا في الأيام الماضية شعباً قوياً صبوراً على أعمال الزراعة، يحذق الصناعات اليدوية، ولا يجابهه شعب آخر في براعته التجارية، استغلوا أرضهم الضنينة أحسن استغلال، وأنتجوا من الثروة ما يكفي لأن يعيش ملوكهم عيشة الترف، وإن لم يكسبهم الكثير من القوة والسلطان. وقد ذكر دارا الأول في نقش بهستوم (٥٢١ ق. م) اسم أرمينة بين الولايات التابعة لبلاد الفرس، وكانت فيما بعد تابعة تبعية اسمية لدولة السلوقيين ثم تداولتها أيدي بارثيا ورومة مراراً عدة، ولكنها استطاعت لبعدها أن تحتفظ باستقلالها الفعلي. وكان أشهر ملوكها ترجرانس Tirgranes الأكبر (٩٤ - ٦٥ ق. م) الذي فتح كبدوكيا وأضاف إلى أرتكساتا Artaxata عاصمة ثانية هي ترجانوسترا Triganocetra،