للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٤ - فيينا VIENNA

خلف أسوار الحرب عاش أهل فيينا المسالمون الوديعون. إنهم خليط متسامح صبور - بقدر معقول - من الألمان والمجريين والتشيك والسلوفاك Slovaks والكروات والمورافيين Moravians والفرنسيين والإيطاليين والبولنديين والروس ١٩٠،٠٠٠ نفس. وكانت غالبيتهم العظمى من الكاثوليك التابعين لبابا روما (الروم الكاثوليك) وكانوا - إذ سمحت لهم ظروفهم - يتعبدون في ضريح القديس حامي المدينة في كنيسة القديس ستيفن St. Stephen وكانت شوارعها في غالبها ضيِّقة وإن كانت هناك بعض الشوارع الفسيحة التي تكتنفها الأشجار والممهدة تمهيداً جيداً.

وتتحلَّق المباني الملكية الفخمة حول مبنى البلاط الإمبراطوري الذي يشغله الإمبراطور وأسرته وشاغلوا المناصب الأساسية في الحكومة ويمر نهر الدانوب (الأزرق) على طول حافة المدينة حاملاً التجارة والمسرات في فوضى محبّبة، وفي اتجاه النهر يُطلق على المتنزّه اسم المرج Prater حيث يُتاح لكل شاب وشيخ مجال للتنزه بالعربات التي تجرها الخيول أو التنزه سيراً على الأقدام بالنسبة إلى السائرين المحظوظين الذين يحبون الأشجار ورائحة الزهور وأوراق الشجر وشقشقة الطيور وألحانها الشجية، واللقاء بين هذه المناظر الخلابة والألحان الشجية.

وبشكل عام فإن أهل فيينا أناس طيِّعون سهلوا الانقياد حسنوا السلوك، وهم يختلفون اختلافاً تاماً عن أهل باريس الذين يكرهون نبلاءهم ويتشككون في ملوكهم ويشكّون في وجود الرّب. ويوجد في فيينا نبلاء كما في باريس، لكن نبلاء فيينا يرقصون ويعزفون الموسيقى في قصورهم ويحترمون من هم دونهم ولا يتَّسمون بالتفاخر والادعاء ويموتون حبا في التودد للنساء، وكانت كل هذه الصفات بطبيعة الحال غير مجدية في مواجهة جيوش نابليون المحبة للقتال. وكان الوعي الطبقي أكثر حدة لدى الشرائح العليا من الطبقة الوسطى التي كونت ثروات بتوريدها مستلزمات الجيش أو بإقراضها أفراد الطبقة الأرستقراطية الذين تعرضوا للفقر أو بإقراضها الدولة التي كانت تحارب، وتخسر الحرب دائما.

وبدأت الطبقة الأرستقراطية تتشكل فبحلول عام ١٨١٠ كان هناك ما يزيد على مئة مصنع في فيينا وبالقرب منها، وكان بهذه المصانع نحو ٢٧،٠٠٠ عامل وعاملة، وكانت