للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النفاذتين، وعن زوجته (أي زوجة ميترنيخ) المملّة الباردة جنسيا - راح يسلّي نفسه مع مدام لور جونو Laure Junot زوجة حاكم باريس وقتها، لكنه لم ينس أن النمسا كانت تتوقع منه أن يَسْبر أغوار عقل نابليون ويعرف أهدافه ويكتشف كل إمكانيات تحقيق مصالح النمسا. لقد كان كلا الرجلين معجباً بالآخر. لقد كتب ميترنيخ إلى جنتس في سنة ١٨٠٦ إن: "نابليون هو الرجل الوحيد في أوربا الذي يفعل ما يريد". كما وجد نابليون في ميترنيخ فكراً ثاقباً كفكره وفي هذا الأثناء تعلم النمساويون الكثير بدراستهم لتاليران Talleyrand .

وقضى ميترنيخ ثلاثة أعوام سفيراً في باريس ورأى برضاً أخفاه الشرَّكَ الذي وقع فيه الجيش الفرنسي العظيم في أسبانيا، وحاول - ولكنه فشل - أن يخفي عن نابليون أن النمسا تتسلَّح من جديد لبذل محاولة أخرى للإطاحة به. وغادر باريس في ٢٥ مايو سنة ١٨٠٩ ولحق بفرانسيس الثاني على الجبهة وشهد هزيمة النمسا في واجرام (فاجرام Wagram) ، واستقال شتاديون من إدارة دفة السياسة بعد أن أصابه الإحباط لفشل مغامرته العسكرية، فعرض فرانسيس المنصب على ميترنيخ في ٨ أكتوبر ١٨٠٩ فقبله وكان وقتها في السادسة والثلاثين من عمره، وبدأ بذلك مهامه وزيراً للأسرة الإمبراطورية ومسئولاً عن الشؤون الخارجية، واستمر في منصبه هذا تسعاً وثلاثين سنة.

وفي يناير سنة ١٨١٠ وجد الجنرال جونو Junot في مكتب زوجته بعض خطابات الحب أرسلها إليها ميترنيخ فحاول خنقها وكاد ينجح وأقسم أن يتحدى الوزير الممتلئ نشاطاً ليبارزه في مينز، وأنهى نابليون النزاع بإرسال الجنرال وزوجته إلى أسبانيا، ومن الظاهر أن هذه الحكاية لم تدمّر سمعة ميترنيخ ولا زواجه ولا وضعه في الحكومة النمساوية، فقد شارك في ترتيب زواج نابليون من الدوقة النمساوية ماري لويز Marie Louise (ماريا لويس)، وابتهج عندما علم بأن هذا التقارب الفرنسي النمساوي قد أغضب روسيا، وراح يراقب التوتر يزداد بين هذين القطبين الأوربيين المصارعين. لقد كان يأمل ويخطط لإضعاف الإمبراطوريتين الفرنسية والروسية فهذا يمكن النمسا من استعادة الأراضي التي فقدتها واستعادة مكانتها العالية وسط القوى المتصارعة.