بناء العظماء - جهان كير - شاه جهان - عظمته - سقوطه -
أورنجزيب - تعصبه - موته - قدوم البريطانيين
عَزَّ على الأبناء الذين ظلوا يرقبون موته في صبر نافذ أن يبقوا للإمبراطورية على وحدتها، تلك الإمبراطورية التي خلقها نبوغه خلقاً، فلماذا يحدث غالباً أن ينسل عظماء الرجال سلالة متوسطة القدرات والمواهب؟ أيكون ذلك لأن البذور التي كانت قد أنتجت هؤلاء العظماء- أعني امتزاج عناصر الأسلاف وممكنات البيئة الحيوية- إنما سارت مدفوعة بالمصادفة وحدها، فمن الشطط أن نتوقع لها عودة إلى الظهور من جديد؟ أم يكون ذلك لأن العبقري يستنفذ في تفكيره وفي جهوده قوة كان يمكن أن يوجهها نحو رعاية أبنائه، وبذلك لا يبقى لورثته من بعده من دمه إلا أضعفه؟ أم يكون ذلك لأن الأبناء ينحلون في ظل النعمة واليسار، فتحرمهم بحبوحة العيش في سنّهم الباكر الحوافز نحو الطموح والرقي؟
على أن "جهان كير" لم يكن متوسط القدرات والمواهب بقدر ما كان منحلاً قادراً؛ فقد ولد لأب تركي وأميرة هندية، وانفتحت أمامه الفرص كلها التي تسنح لولي العهد، فانغمس في الخمر والدعارة، وأطلق لنفسه العنان في التمتع السادي بالقسوة على الآخرين، وقد كان هذا الميل مجبولاً في فطرة أسلافه "بابور" و "هميون" و "أكبر "لكنهم دسوه دساً في دمائهم التترية، فكان يمتعه أن يرى الناس يسلخون أحياء، أو تنفذ فيهم "الخوازيق" أو يقذفون إلى الفيلة تمزقهم تمزيقاً: وهو يروي لنا في "مذكراته" أن سائسه