للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢ - الحرب الأولى في شبه جزيرة أيبيريا]

من ١٨ أكتوبر ١٨٠٧ إلى ٢١ أغسطس ١٨٠٨ م

بحلول عام ١٨٠٧ كان غالب البر الأوروبي ممتثلاً لبيان برلين، فالنمسا انضمت للحصار القاري المضاد في ١٨ أكتوبر سنة ١٨٠٧، ومع أن الباباوية اعترضت إلاّ أنها وقّعت في ١٢ ديسمبر. أما تركيا (الدولة العثمانية) فكانت معارضة للانضمام إليه لكنها امتثلت بسبب التعاون المستمر بين روسيا وفرنسا. وكانت البرتغال مُتحالفة مع إنجلترا لكن كان يحدها من الشرق أسبانيا التي ربطتها أسرة البوربون تاريخيا بفرنسا، مما جعلها تتعهد بالالتزام بالحصار إذ بدت من الناحية العسكرية تحت رحمة نابليون وربما فكر الإمبراطور (نابليون) في أمر يمكنه تنفيذه ولو حتى بقيادة جيوشه عبر أسبانيا لإجبار البرتغال على الامتثال رغم السفن الحربية البريطانية التي تتحكَّم في موانئها ورغم الوكلاء التجاريين البريطانيين الذين يتحكّمون في تجارتها.

وفي ١٩ يوليو سنة ١٨٠٧ أخبر نابليون الحكومة البرتغالية أن عليها إغلاق موانئها في وجه البضائع البريطانية فرفضت. وفي ١٨ أكتوبر عَبَرَ جيشٌ فرنسي من عشرين ألف مقاتل معظمهم من المجندين إلزاميا في غير موسم التجنيد الإلزامي - البيداسوا Bidassoe في أسبانيا، وكان على رأس هذا الجيش أندوش جونو Andoche Junot فرحبت به الدولة الاسبانية والشعب الاسباني الذي كان يأمل أن يحرِّر نابليون ملكَ أسبانيا من قبضة وزيره الخائن، كما كان هذا الوزير يأمل أن يكافئه نابليون لتعاونه معه بتركه يُشارك في تقطيع أوصال البرتغال.

لقد كان عهد التنوير الأسباني المتألق قد انتهى بموت تشارلز الثالث (١٧٨٨) فرغم أن ابنه الذي بلغ الآن من العمر ستين عاماً كان ذا نوايا طيبة إلاَّ أنه كان مفتقداً الحيوية والذكاء، ففي اللوحة الشهيرة التي رسمها الفنان جويا Goya والتي جعل لها عنواناً (تشارلز الرابع وأسرته) يبدو الملكُ فيها مولعاً بالتهام الطعام أكثر من ولعه بالتفكير وبدت الملكةُ ماريا لويزا وكأنها هي الرجل، لكنها كانت امرأة أيضاً فلم تكتف بزوجها المطيع وإنما فتحت ذراعيها لمانويل دي جودوي Manuel de Godoy الذي رفعته من ضابط في الحرس الملكي إلى رئيس للوزراء.

وكان الشعب الأسباني أكثر شعوب أوروبا التزاماً بالأخلاق في أمور الجنس، لذا فقد استاء كثيراً من هذه العلاقة الجنسية غير الشرعية لكن جودوي العاهر كان يحلم بفتح البرتغال ليحصل لنفسه على الأقل على دوقية، إن لم يكن مملكة. فهبَّ لمساعدة نابليون وحاول أن ينسى ما كان منه في سنة ١٨٠٦ حين عرض صداقته المصحوبة بالعمل على بروسيا للتخطيط لشن حرب ضد فرنسا. وشجَّع نابليون آمال جودوي ووقّع في فونتينبلو (٢٧ أكتوبر سنة ١٨٠٧) اتفاقاً لفتح البرتغال واحتلالها على أن يكون شمالها الغربي مع أوبورتو Oporto من نصيب الملكة الاسبانية، ومقاطعات الجارف Algarve وألينتجيو Alentejo في الجنوب من نصيب جودوي، وما تبقّى في الوسط مع لشبونة يوضع تحت الحماية الفرنسية حتى صدور تعليمات أخرى. وأضافت المادة الثالثة من المعاهدة أنه من المفهوم أن الأطراف المتعاقدة سيُقسِّمون بالتساوي - بين أنفسهم - جزر