جنيان رسالته، ومن الغريب أن نهايته كانت مثل لوثر. ذلك أنه حدث في ريدنج (مدينة في وسط إنجلترا) نزاع باعد بين والد وولد كان ينيان مولعاً بهما، فسافر إليها على ظهر جواد من بدفورد. فأصلح بين الفريقين المتخاصمين، ولكنه عندما قفل راجعاً على ظهر جواده، فاجأته العاصفة وبللته قبل أن يعثر على مأوى يعصمه منها، وانتابته حمى لم يبل منا قط. وروى التراب في مقبرة للمنشقين في بنهل فيلدز ( Bunhill Fields) حيث يرقد حتى اليوم مع شاهد حجري على قبره.
[٢ - الشاعر الشاب]
١٦٠٨ - ١٦٤٠
كان جد ملتون كاثوليكياً حكم عليه في ١٦٠١ بدفع غرامة قدرها ستون جنيهاً لتغيبه عن الصلوات الأنجليكانية، وحرم ابنه من الميراث لأنه تخلى عن الكنيسة الرومانية. أما جون ملتون، الذي تبرءوا منه وأنكروه فقد حصل على قدر لا بأس به من المال بوصفه كاتباً عمومياً في لندن، صاحب قلم برع في كتابة أو نسخ المخطوطات والوثائق والمستندات القانونية. وأولع بالموسيقى، ونظم القصائد الغزلية القصيرة، واحتفظ في داره بكثير من الآلات الموسيقية ومن بينها أرغن، وانتقل هذا الانعطاف نحو الموسيقى إلى الشاعر الذي ربما أقر بأن المرء لكي يجيد الكتابة، لابد أن تتغلغل الموسيقى في نفسه، وأن تكون له أذن موسيقية واعية. أما الأم، سارة جفري، فكانت ابنة خياط تاجر، أنجبت لزوجها ستة أبناء كان صاحبنا جون ثالثهم. أما أخوه الأصغر فأصبح ملكياً يدين بالولاء لأسرة ستيوارت، وواحد من رجال الكنيسة التقليدية. على حين أن جون أصبح جمهورياً بيوريتانياً من أنصار كرومول. وكان البيت في "برد سترت" مؤسسة بيوريتانية تقية مخلصة، ولكن غير متزمتة، فإن حب الجمال الذي ساد عصر النهضة، امتزج هنا بالنزوع إلى الخير والفضيلة، الذي أتى به الإصلاح الديني.