أن يخضع للقيود الدستورية، وأن يكون واجبه الأول فرض الدين الحق- وهو الكاثوليكية في هذه الحالة (٨).
أما هنري الثالث، الموجود الآن في تور مع بعض النبلاء والجنود، فقد وجد نفسه بين نارين. فجيش الحلف يزحف عليه من الشمال بقيادة دوق مايين، وجيش نافار يزحف من الجنوب فاتحاً المدينة تلو المدينة، إذن فإحدى القوتين قابضة عليه لا محالة. واغتنم هنري الهيجونوتي فرصته، فأوفد دوبليس- مورني ليعرض على الملك محالفته وحمايته وتأييده. والتقى الهنريان عند بليسي- لي- تور وتعاهدا بوفاء كل منهما لصاحبه (٣٠ ابريل ١٥٨٩). وهزم جيشاهما المتضافران مايين وزحفا على باريس.
وفي العاصمة المسعورة استمع راهب دومنيكي يدعى جاك كليمان في حماسة إلى ما تردد من اتهام لهنري الثالث بالاغتيال. وقد أكدوا له أن القيام بعمل عظيم في سبيل قضية مقدسة سيمحو كل تبعة عن أوزاره، وأثار ثائرته حزن كاترين دوقه مونبنسييه، شقيقة الأخوين القتيلين جيز، وحركة جمالها. فاشترى خنجراً، وتسلل إلى معسكر الملك، وطعنه في بطنه، فقتله الحراس، ومات واثقاً من ثواب الجنة. أما هنري فالوا فقد مات غداة طعنة (٢ أغسطس ١٥٨٩) وهو يتوسل إلى اتباعه أن يلزموا هنري نافار. وانتشرت الفوضى في جيش المحاصرين، وتبدد أكثره، وأجل الهجوم المقترح على باريس. أما في داخل الكنيسة فقد بلغت فرحة الحلف وتابعيه حد الهذيان. ووضعت بعض الكنائس صورة الراهب فوق مذبحها (٩)، وهلل الأتقياء لاغتيال الملك باعتباره أنبل عمل في سبيل الله تم منذ تجسد المسيح (١٠). وأستدعيت أم كليمان من الريف، فوعظت في الكنائس، واحتفل القوم بها بترتيل ترنيمة مقدسة:«طوبى للبطن الذي حملك، وللثدي التي أرضعتك»(١١).
[٣ - الطريق إلى باريس]
(١٥٨٩ - ١٥٩٤)
بلغ هنري نافار الآن نقطة الحسم في حياته. لقد وجد نفسه فجأة،