للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودعت حكومة الستة عشر دوق جيز إلى تقلد السلطة في باريس، نعته الملك، ولكن الدوق وصل، وهتفت له الجماهير زعيماً لقضية الكثلكة في فرنسا. وفر هنري الثالث إلى شارتر وقد شعر بالهوان وتوعد بالانتقام. ثم فقد أعصابه مرة أخرى؛ فتبرأ من هنري نافار، وعين هنري جيز قائداً أعلى للجيوش الملكية، ودعا مجلس الطبقات للاجتماع في بلوا.

فلما اجتمع المندوبون لاحظ الملك في سخط مظاهر التكريم التي حظي بها جيز والتي تقرب مما يحظى به الملوك. وفي يوم تصميم مسعور أقنع بعض أعوانه بقتل الدوق. ودعا إلى لقاء خاص، وبينما النبيل الشاب يقترب من حجرة الملك طعنه تسعة من المهاجمين طعنات أودت بحياته، وفتح الملك الباب وتطلع في رضى يشوبه الانفعال إلى هدفه الذي تحقق (٢٤ ديسمبر ١٥٨٨). ثم أمر بسجن زعماء الحلف وقتل الكردينال جيز أخي الدوق. وفي فخر ورعب أنهى إلى أمه بطولاته التي ناب فيها عنه غيره، فعصرت يديها في يأس وقالت له «إنك خربت المملكة».

ولم يمض اثنا عشر يوماً حتى ماتت في التاسعة والستين وقد أضنتها المسئوليات والهموم والدسائس، وربما تبكيت الضمير أيضاً. ولم يكن أحد من الناس يتوقف ليحزن على موتها. ودفنت في مقبرة عامة ببلوا، لأن حكومة الستة عشر أعلنت أنها ستلقى جثثها في السين إذا جئ بها إلى باريس. واتهم نصف فرنسا هنري الثالث بالقتل، وجاب الطلاب الشوارع مطالبين بعزله، اما لاهوتيو السوربون يؤيدهم البابا فقد أحلوا الشعب من ولائه للملك، ودعا القساوسة إلى المقاومة المسلحة له في كل مكان. وقبض على مؤيدي الملك، واحتشد الرجال والنساء داخل الكنائس مخافة أن يحسبوا من أنصار الملك. واعتنق مؤلفو كراريس الحلف الايديولوجية السياسية للهيجونوت، فأعلنوا أن الشعب صاحب السيادة، وله الحق في خلع الطاغية عن طريق البرلمان أو القضاة، وأي ملك في المستقبل ينبغي