والبر بطريقة مغايرة لما يستطيع أن يفعله العقل البشري وعندما تضيق صدورنا بالشر فإنه يعلّمنا كيف تشع هذه الفضائل الضوء لكي يبدد الظلام وكيف أن هناك حياة أخرى خالدة بعد هذه الحياة الهزيلة التعسة التي نحياها على الأرض" (١١٢).
وعندما سُئل عن الأساس الذي استند إليه في أن الكتاب المقدس من وحي الله أجاب ببساطة أنه استند إلى تعاليمه ولا يمكن غلا لأُناس ألهمهم الله أن يكوّنوا مثل هذا الإيمان العميق الذي هو عزاء للنفس.
[٨ - لاهوت لوثر]
وعلى الرغم من أن لاهوته قام على تصديق حرفية ما جاء بالكتب المقدسة فإن تفسيره احتفظ لا شعورياً بالروايات المأثورة في القرون الوسطى المتأخرة. وجعلته قوميته عصرياً أما لاهوته فيمت إلى عصر الإيمان. وكانت ثورته موجهة ضد النظام الكاثوليكي وطقوسه أكثر منها ضد العقيدة الكاثوليكية ولازمه معظم هذه الثورة إلى النهاية. بل إنه حذا في ثورته حذو ويكليف وهس ولم ينتهج أي منهج جديد. فثورته مثل ثورتهما تكمن في رفض البابوية والمجالس الدينية والمراتب الكهنوتية والاهتداء بأي شيء آخر للعقيدة غير الكتاب المقدس، وقد وصف مثلهما البابا بأنه مناهض للمسيحية ووجد مثلهما الحماية في رحاب الدولة. وتواصل الفكر من ويكليف إلى هس إلى لوثر يعد الخيط الرئيسي للتطور الديني من القرن الرابع عشر إلى القرن السادس عشر. فقد كان تواصل الفكر من الناحية اللاهوتية قد اعتصم بآراء أوغسطين عن القدر والرحمة، وهذه الآراء كانت لها بدورها جذور في رسائل بولس الذي لم يعرف المسيح قط. وقد تساقطت تقريباً جميع العناصر الوثنية التي شابت المسيحية عندما اتخذت البروتستانتية شكلها