للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الرابع

تعاليم بوذا (١)

صورة الزعيم - أساليبه - الحقائق السامية الأربع - الطريق ذو

الخمس شعب - قواعد الأخلاق الخمس - بوذا والمسيح - لا أدرية

بوذا ومناهضته لرجال الدين - إلحاده - علم النفس بغير نفس- معنى النرفانا

كانت وسيلة بوذا في نشر تعاليمه- شأنه في ذلك شأن سائر المعلمين في عصره- هي المحاورة والمحاضرة وضرب المثل؛ ولما لم يدر في خلده قط- كما لم يدر في خلد سقراط أو المسيح- أن يدون مذهبه، فقد لخصه في "عبارات مركزة" أريد بها أن يسهل وعيه على الذاكرة؛ وهذه المحادثات- على الصورة التي احتفظ لنا بها الرواة من أتباعه- تصور تصويراً لاشعورياً أول شخصية واضحة الحدود والمعالم في التاريخ الهندي: رجل قوى الإرادة، صادق الرواية، مزهو بنفسه، وديع المعاملة، رقيق الكلام، محسن إحساناً


(١) أقدم ما لدينا من وثائق تحتوي على تعاليم بوذا هي الـ "بتاكات" ومعناها "سلال القانون"، التي أعدت لتعرض على المجلس البوذي الذي انعقد سنة ٢٤١ ق. م، وقد وافق هذا المجلس على أن ما في هذه الوثائق هو تعاليم بوذا بغير تحريف، تلك التعاليم التي لبثت أربعة قرون يتناقلها بالرواية الشفوية جيل عن جيل، أي أنها لبثت كذلك منذ وفاة بوذا حتى انتهى بها الأمر إلى التدوين باللغة "البالية" حول سنة ٨٠ ق. م؛ وهذه "البتاكات" تقع في ثلاثة مجموعات: "السوتا" أي الحكايات، و "الفنايا" أي التشريع، و"الأبيذوما" أي المذهب؛ أما أولى هذه المجموعات- أعني بتاكة الحكايات- فتحتوي على محاورات بوذا، التي يضعها "رايس دافيدز" في منزلة واحدة مع محاورات أفلاطون (٣٤) وإذا أردنا الدقة في القول، وجب أن نقول أن هذه المدونات لا تحتوي بالضرورة على تعاليم بوذا نفسه، بل تحتوي على تعاليم المدارس البوذية؛ ويقول "سير تشارلز إليت": على الرغم من أن هذه الحكايات أخذت تتزايد على مر القرون، فلست أرى ما يبرر الريبة بأن أقدم الطبقات في هذا البناء المتراكم تحتوي على ما دونه صحابة الزعيم معتمدين على تذكرهم لما سمعوه منه.