للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل العشرون

[الفلسفة الإنجليزية]

١٦٤٨ - ١٧١٥

[١ - توماس هوبز]

١٥٨٨ - ١٦٧٩

أ - المؤثرات التي شكلت شخصيته

ولد هوبز في ٥ إبريل ١٥٨٨، ولما يكتمل المدة المقررة للحمل، وتعزو أمه ولادته المبتسرة قبل الأوان إلى فزعها من مجيء الأسطول الأسباني "الأرمادا"، ومن الخطر الذي يتهدد إنجلترا بغزو ساحق على أيدي الوثنيين السفاحين. أما الفيلسوف فينسب إلى خروجه غير المرتقب قبل الأوان إلى الحياة نزعة الجبن التي تملكته وغلبت عليه، ولكنه كان أجرأ الهراطقة في عصره. وربما ورث الوالد- وكان قسيساً أنجليكانياً في مامز بري في ولتشير- ابنه بعض نزوع إلى المشاكسة، فان هذا الوالد اشتبك يوماً في شجار على باب كنيسته ثم اختفى، تاركاً أبناءه الثلاثة ليتولى تربيتهم أخ له.

وأثرى هذا الخ وأيسر، والتحق توماس بكلية مجدلن في أكسفورد، هياباً جباناً، ولا ريب، مثله في ذلك مثل أي شاب يجرؤ على اقتحام المغارات المخصصة لأصنام العشيرة. ولم يجد في الفلسفة التي تدرس هناك إلا قليلاً مما يروقه، فتسلى بقراءات خارج المنهج المقرر، وتعرف بطريق مباشر على الآداب الإغريقية واللاتينية. ولما تخرج في سن العشرين أسعده الحظ ليكون معلماً خاصاً لوليم كافندش الذي أصبح أرل ديفو نشير الثاني. وقد ثبت أن الحماية التي بسطتها عليه هذه الأسرة كانت ذات قيمة كبيرة له أيام هرطقته. وفي ١٦١٠ طاف في صحبة تلميذه بأرجاء القارة. وعند عودته أشتغل لبعض الوقت سكرتير لفرنسيس بيكون، وربما أسهمت هذه الخبرة المثيرة في تكوين فلسفته التجريبية بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ويروي أوبري أنه حوالي هذه الفترة "كان مستر بنجامين جونسون شاعر التاج صديقه الحميم الذي يكثر التردد عليه (١) وكان أغزر علماً من هوبز. ولم