بين العنف وعدم الأمانة، والحياة الصاخبة التي كان يحياها طلبة الجامعات، والفكاهة الخشنة والحنان اللذين يتصف بهما الفلاحون والعمال، بين هذا كله نشأت الآداب العامة الطيبة كأنها فن آخر من فنون النهضة، فتزعمت إيطاليا وقتئذ أوربا كلها في قواعد الصحة الشخصية والاجتماعية، والثياب، وآداب المائدة وطهو الطعام، وآداب الحديث، والرياضة البدنية. وكانت فلورنس تدعي أنها هي التي تتزعم إيطاليا في هذا كله عدا الملابس. وكانت تدفعها روحها الوطنية لأن ترثى لما في المدن الأخرى من قذارة، كما كان الإيطاليون يتخذون لفظ "ألماني" مرادفاً للخشونة في اللغة والحياة (٨٨). واحتفظت الطبقات المتعلمة في إيطاليا بالعادة الرومانية القديمة عادة الاستحمام الكثير، وكان أثرياء القوم يتباهون بأثوابهم الجميلة ويؤمون الأماكن ذات المياه المعدنية، ويشربون المياه الكبريتية يطهرون بها بطونهم في كل عام مما أفرطوا من الطعام والشراب. ولم تكن ملابس الرجال أقل زينة من ملابس السيدات ولا تنقص عنها إلا الحلي، وكانت لهم أكمام ضيقة، وجوارب ملونة، وقبعات كبيرة كالتي شاهدها رافائيل على كستجليوني. وكان الجورب يغطي الساق كلها حتى آخر الفخذ فيجعل الرجال يقفزون في مشيهم قفزاً يدعو إلى السخرية. أما في الجزء الأعلى من الجسم فقد كان في وسع الرجل أن يكون حسن الهندام، فقد كان يرتدي صدرة من المخمل موشاة بالحرير ومزدانة بالمخرمات. (الدنتلا)، ولم تكن القفازات والأحذية نفسها تنقصها هذه المخرمات. وحدث في مهرجان للبرجاس أقامه