قد صرفت إلى الزهد والرهبانية، أو إلى حياة الدعة والاسترخاء، أو إلى الورع. واخذ تأثيره يتقلص كلما انتشر … كان هائلاً في اسكنديناوة وعابرا في فرنسا، وانعدم بتأثير كافن في سكوتلاندة وإنجلترا وأمريكا، أما في ألمانيا فكان تأثيره فائقاً. ولم يقدر لمفكر أو كاتب آخر أن يكون له هذا التأثير العميق في العقلية الألمانية والشخصية الألمانية. كان أقوى شخصية في تاريخ ألمانيا، ولا شك أن مواطنيه من أهل الريف يحبونه حباً جماً، لأنه كان أشدهم جميعاً تعصباً لألمانيته.
[٤ - انتصار البروتستانتية]
١٥٤٢ - ٥٥
ومات قبل عام من وقوع الكارثة، التي لاح للناس أنها قاضية لا محالة على البروتستانتية في ألمانيا.
وفي عام ١٥٤٥ أكره شارل الخامس، الذي لقي العون من الجيوش اللوثرية، فرانسيس الأول على توقيع صلح كريبي. وعقد سليمان، وكان في حرب مع فارس، هدنة لمدة خمس سنوات مع الغرب. ووعد البابا بول الثالث أن يقدم إلى الإمبراطور ١. ١٠٠. ٠٠٠ دوكات و١٢. ٠٠٠ من جنود المشاة و ٥٠٠ جواد، إذا تحول بكل قوته لمحاربة الهراطقة … وأحس شارل بأن في وسعه أن يحقق آخر الأمر أمله، وأن ينفذ سياسته. أن يسحق البروتستانتية، وأن يمنح مملكته عقيدة كاثوليكية موحدة، تدعم في رأيه حكومته وتسهل مهمتها. وكيف يكون إمبراطوراً بحق في ألمانيا، إذا استمر الأمراء البروتستانت في الاستهانة بسلطانه وعجز أن يملي عليهم الشروط التي يقبلون بموجبها تنصيبه إمبراطوراً؟ ولم يكن قد اتخذ البروتستانتية ديناً بصفة جدية، ولم تكن المنازعات بين لوثر وعلماء اللاهوت من الكاثوليك تعنيه قليلاً أو كثيراً، ولكن البروتستانتية باعتبارها لاهوت الأمراء المصلحين والمتحالفين ضده، وباعتبارها قوة سياسية، قادرة على تحديد مصير انتخاب الإمبراطور القادم، وبصفتها عقيدة كتاب الرسائل،