للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل السادس

[مكيفلي]

[١ - الدبلوماسي]

بقي من هذه الطائفة رجل واحد يصعب علينا أن نضمه إلى صنف بعينه، فقد كان دبلوماسيا، ومؤرخاً، وكاتباً مسرحياً، وفيلسوفاً، وأكبر مفكر ساخر في زمانه، ولكنه كان مع ذلك وطنيا متحمسا يتحرق رغبة في تحقيق مثل أعلى نبيل، أخفق في كل ما أخذ على عاتقه أن يقومه من الأعمال، ولكنه طبع التاريخ بطابع يكاد يكون أشد عمقاً مما طبعه به إنسان آخر في ذلك العصر.

كان نقولو مكيفلي ابن أحد المحامين في فلورنس- وكان هذا المحامي رجلا متوسط الثراء، يشغل منصبا صغيرا في الحكومة، ويمتلك بيتاً ريفياً صغيراً في سان كاستشيانو San Casciano على مسيرة عشرة أميال من المدينة. وتلقى الغلام التعليم الأدبي المعتاد، وتعلم أن يقرأ اللغة اللاتينية بسهولة، ولكنه لم يتعلم اللغة اليونانية. وراقه التاريخ الروماني، وأولع بليفي؛ ويكاد يجد لكل نظام سياسي، وكل حادثة في أيامه شبيهاً في تاريخ روما يوضح ذلك النظام وتلك الحادثة. وبدأ يدرس القانون، ولكن يبدو أنه لم يتم هذه الدراسة؛ وقلما كان يعنى بفن النهضة، ولم يظهر شيئا من الاهتمام حين كشفت أمريكا، ولعله كان يشعر بأن كل ما حدث بعد هذا الكشف أن مسرح السياسة قد اتسع، أما المسرحية فستبقى كما كانت وسيظل أشخاصها دون تغيير. وكان شغله الشاغل هو السياسة، فن الحصول على النفوذ، ولوحة الشطرنج التي تنتقل عليها قطع القوة والسلطان. وعين في عام ١٤٩٨