لم تكن الديانة الهندية التي حلت محل البوذية ديانة واحدة، كلا ولا كانت مقتصرة على كونها عقيدة دينية؛ بل كانت خليطاً من عقائد وطقوس لا يشترك القائمون بها في أكثر من أربع صفات؛ فهم يعترفون بنظام الطبقات وبزعامة البراهمة، وهم يقدسون البقرة باعتبارها تمثل الألوهية على نحو تمتاز به من سواها، وهم يقبلون قانون "كارما" وتناسخ الأرواح، وهم يضيفون إلى آلهتهم الجديدة آلهة الفيدات؛ ولقد كان بعض هذه العقائد أسبق من عبادة الطبيعة التي جاءت بها الفيدا، كما ظلت قائمة بعد زوال تلك العبادة، وأما بعضها الآخر فقد نشأ من أن البراهمة كانوا يغضون أبصارهم عن ضروب من الطقوس والآلهة والعقائد لم ينص عليها كتابهم المقدس، بل تناقضه روح الفيدا مناقضة ليست باليسيرة؛ فأتيحت الفرصة لتلك العقائد أن تنضج في وعاء الفكر الديني عند الهنود، ومضت في نضجها ذاك حتى في الفترة العابرة التي ارتفعت فيها البوذية إلى مكان السيادة العقلية في البلاد.
كان آلهة العقيدة الهندية يتميزون بكثرة أعضائهم الجسدية التي يمثلون بها على نحو غامض قدرتهم الخارقة في العلم والنشاط والقوة؛ "فبراهما" الجديد كان له أربعة وجوه، وكان لـ "كارتكيا" ستة وجوه، ولـ "شيفا" ثلاثة أعين، ولـ "هندرا" ألف عين؛ وكل إله عندهم تقريباً كان له أربع أذرعة (١٠) وعلى رأس هذه المجموعة الجديدة من الآلهة "براهما" الذي كان له من الشهامة ما أبعده عن الميل مع الهوى، وهو سيد الآلهة المعترف له بتلك السيادة، على الرغم