رتب نوعاً من الحساء هو (حساء رمفورت) مكوَّناً أساساً من اللوبيا أو الفاصوليا، والبسلَّة أو الفول، وهو حساء لا تقتصر فائدته على احتوائه على البروتينات النباتية وإنما تُقلل من الحاجة إلى الخبز.
وكانت الأزمة الاقتصادية التي أطلت في أثناء استعدادات نابليون لغزو روسيا اختباراً لقوة أعصابه وربما أسهمت في إضعاف ثقته في نفسه وإضعاف قراراته، ومع هذا فلم يتخل عنه حظه الطيب، فقد كانت البشائر تشير إلى محصول وفير في سنة ١٨١٢ وثبت هذا بالفعل، فأصبح الخبز أرخص سعراً، وأصبح يمكن العاطلين - على الأقل - من أن يجدوا ما يسد رمقهم. وفتحت البنوك أبوابها مرة أخرى أو حلت محلها بنوك أخرى وتدفقت القروض وواصلت العاصمة دورها في المصانع وكان لابد من هذا وأصبح من الممكن دفع الأجور بالعمل في إنتاج بضائع قد يستغرق وصولها إلى المشتري نصف عام. وأصبحت الأسواق عامرة مرة أخرى. والآن كان في مقدور نابليون أن يكرس نفسه لحرب لإحكام الحصار القاري الذي كان قد بدأ فعلاً في الإخفاق بسبب تصرفات الأمم وطبيعة البشر.
٣ - مقدّمات الحرب: من ١٨١١ إلى ١٨١٢ م
استعدَّ الإمبراطوران المتخاصمان للمعركة بتحركات دبلوماسية، وتجمعات عسكرية، وتهيئة جماهيرية، وحاول كل منهما إقناع الآخر بأنه مُخلص للسلام. اختار نابليون كسفير له في روسيا أرمان دي كولينكور Armand de Caulaincourt وهو رجل تفوق قيمته مجرد أصله النبيل. وعندما وصل هذا السفير إلى سان بطرسبرج (نوفمبر ١٨٠٧) تأثر بما لحق بإسكندر من تطور من حاكم شاب حَيِى - ذلك الحاكم الذي كان قد رآه في سنة ١٨٠١ إلى قيصر كان قد أصبح مثالاً للمظهر الطيب والعادات الرشيقة والأسلوب الودود في الحديث. واعترف إسكندر أنه مُحب لنابليون وأنه لا يزال متمسكاً بالاتفاقات التي عُقِدَت في تيلسيت Tilsit - وأبدى بعض التوافقات الخفيفة اعتبرها الإمبراطور الفرنسي الأريب معقولة.
لكن بولندا فرَّقت بينهما. لقد كان نابليون قد أسس دوقية وارسو (Warsaw) الكبيرة (١٨٠٧) تحت الحماية الفرنسية لكن إسكندر واجه هذا بأن راح يتودَّد للنبلاء البولنديين