قسم العلماء المسلمون الشعوب في العصور الوسطى طبقتين- طبقة الذين يعلمون وطبقة الذين لا يعلمون؛ ووضعوا في الطبقة الأولى الهنود، والفرس، والبابليين، واليهود، واليونان، والمصريين، والعرب، أولئك في اعتقادهم هم الصفوة المختارة من عباد الله في العالم؛ أما الطبقة الثانية- وخير من تشملهم الصينيون والأتراك- فهي أشبه بالحيوان منها بالإنسان (٧٢). وأكبر خطأ في هذا التقسيم وهو وضع الصينيين في الطبقة الثانية.
وحافظ المسلمون في العصر الذي نتحدث عنه على تفوقهم غير المنازع في العلوم، وكان أعظم ما بلغوه من التقدم في علم الرياضة في مراكش وأذربيجان، ففيهما نشاهد مرة أخرى ما بلغته الحضارة الإسلامية من رقي عظيم. في مدينة مراكش نشر حسن المراكشي في عام ١٢٢٩ جداول تشتمل على جيوب الزوايا لكل درجة من الدرجات، وجداول بجيوب التمام، وجيوب الأقواس، ومماسات الأقواس والأقواس المتماسة. وبعد جيل من ذلك الوقت أصدر ناصر الدين الطوسي أول رسالة يحث فيها حساب المثلثات بوصفه علماً مستقلاً بذاته لا بوصفه فرعاً من فروع علم الهيئة. وقد بقي كتابه المسمى شكل القطاع لا ينافسه منافس في هذا الميدان حتى نشر رجيومنتانس
Regiomontanus كتابه المثلثات De Triangulis بعد مائتي عام من ذلك الوقت، وربما كان حساب المثلثات الذي ظهر عند الصينيين في النصف الثاني من القرن الثالث عشر عربي النشأة (٧٣).