ضوء النهار إلى يوم القيامة" (٧٠) وقد ظل السعدي شاعراً إلى آخر يوم من حياته رغم ما كان ينطق به من حكمة. وكان يسلم حكمته راضياً مغتبطاً إلى عبودية الحب:
لقد قُدر عليّ ألا أضم حبيبتي إلى صدري
وألا أنسى بُعدي الطويل في قبلة أطبعها على شفتيها الحلوتين
وسأختلس منها ذلك الشراك الذي تقتنص به ضحاياها في طول البلاد
وعرضها حتى أستطيع أن أغريها بالمجيء إلى جانبي
ولكنني لن أجسر على أن أمس شعرها بيدٍ مسرفة في الجرأة
فكم في هذا الشعر من قلوب للمحبين حبيسة احتباس الطيور في الأقفاص
أنا عبد لهذا القد المياس الذي يبدو في نظري كأنما قد فصلت عليه الرشاقة
تفصيلاً كما بفصل الخياط الثوب
يا شجرة السرو يا أطراف من اللجين، إن لونك ورائحتك قد فاقا رائحة
الآس ونضرة الورد البري
احكمي بناظريك وضعي قدمكِ فوق كل حر وجميل
وامشي فوق الياسمين والأزهار
ولا تعجبي إذا أيقضتِ في زمن الربيع من الحسد ما يجعل السحب تبكي
بينما الأزهار الصغير تبتسم، وكل هذا يا حبيبتي من أجلكِ
وإذا ما وطئت جسم ميت بقدميك الجميلتين الخفيفتين، فلا عجب إذا
سمعت صوتاً يخرج من طيات أكفانه
لم يبقَ مكان للحيرة في بلدنا هذا أيام حكم مولانا المليك
سوى أنني جننت بحبك وجن الناس بفنائي في حبكِ (٧١).