للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السابع

[آداب الفرس وأخلاقهم]

العنف والشرف - قانون النظافة - خطايا

الجسد - العذارى والأعزب - الزواج - النساء-

الأطفال - آراء الفرس في التربية والتعليم

إن الذي يدهشنا بحق هو ما بقي لدى الميديين والفرس من وحشية رغم دينهم هذا. انظر إلى ما كتبه دارا الأول أعظم ملوكهم في نقش بهستون: "وقبض على فرافارتش وجيء به إليَّ. فجدعت أنفه، وصلمت أذنيه، وقطّع لسانه، وفقأت عينيه، وأبقيته في بلاطي مقيداً بالأغلال يراه كل الناس. ثم صلبته بعدئذ في إكباتانا … وكان أهورا- مزدا أكبر معين لي، فقد بطش جيشي برعاية أهورا- مزدا بالجيش الثائر، وقبضوا على سترنكخارا وجاءوا به إليَّ، فجدعت أنفه، وصلمت أذنيه، وفقأت عينيه. وبقى مقيداً بالأغلال في بلاطي يراه الناس جميعاً، ثم صلبته" (٩٥). وإن في حوادث الإعدام التي يقصها أفلوطرخس في سيرة أرت خشتر لصورة مروعة لما كانت عليه أخلاق ملوك الفرس في العهد الأخير. لقد كان الخونة يقضى عليهم بلا شفقة ولا رحمة: فكانوا يصلبون هم وزعمائهم، ثم يباع أتباعهم بيع الرقيق، وتنهب مدنهم، ويخصي غلمانهم، وتسبى بناتهم (٩٦) ويبعن. ولكن ليس من العدالة في شيء أن يحكم الإنسان على شعب بأسره من سيرة ملوكه. ذلك أن الفضيلة لا ترويها الأخبار، وأفاضل الناس لا تاريخ لهم، شأنهم في هذا شأن الأمم الهنيئة السعيدة. بل إن الملوك أنفسهم كانوا يبدون في بعض المناسبات شيئاً من مكارم الأخلاق، وكانوا يشتهرون بين اليونان الغادرين بوفائهم. فإذا عاهدوا أوفوا بعهدهم، وكان من دواعي فخرهم