للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثالث

[يوحنا]

لقد شاءت أحداث التاريخ المفاجئة أن تنقل إلينا بولس في صورة واضحة جلية إذا قيست إلى صورة غيره من رسل المسيح، وأن تترك صورة يوحنا في خفاء وغموض. ولقد انحدر إلينا مؤلفان كبيران مقرونان باسمه فضلاً عن رسائل ثلاث. ويحاول النقاد أن يرجعوا سفر الرؤيا إلى عام ٦٩ - ٧٠ م (٧٢)، ويعزوه إلى يوحنا آخر هو يوحنا "اللاهوتي" الذي ذكره ببياس Papias (١٣٥) (٧٣) . أما جستن مارتن Justin Martin (١٣٥) فيعزو هذا السفر القوي إلى الرسول "المحبوب" (٧٤). ولكن يوزبيوس ذكر من عهد بعيد يرجع إلى القرن الرابع أن بعض العلماء يشكون في صحة نسبته إليه. وما من شك في أن صاحب هذا السفر كان رجلاً ذا مكانة عظيمة لأنه يخاطب كنائس آسية بلهجة المهدد صاحب السلطان. فإذا كان كاتبه هو الرسول نفسه (وسنظل نفترض مؤقتاً أنه هو)، فإن في مقدورنا أن نفهم سبب تسميته، كما سمي أخوه يعقوب باسم بوانرجس Boanerges أي ابن الرعد. وكانت إفسوس، وأزمير، وبرغامس وسارديس وغيرها من مُدن آسية الصغرى تنظر إلى يوحنا لا إلى بطرس أو بولس على أنه رئيس الكنيسة الأعلى. وتقول الروايات التي ينقلها يوزبيوس (٧٤) إن دومتيان نفى يوحنا إلى بطنس Patmos وقد عمر يوحنا طويلاً حتى قال الناس إنه مخلد.

ويشبه سفر الرؤيا سفري دانيا وأخنوخ من حيث الشكل. ولقد كانت رؤى النبوءات الرمزية أحد الأساليب التي يلجأ إليها يهود ذلك العصر في كثير من الأحوال؛ ووجدت رؤى أخرى غير رؤى يوحنا، ولكن