في الثامنة عشرة لينخرط في جيش يوجين أمير سافوي، وقاتل في عدة معارك ضد الترك. فلما عاد إلى إنجلترا انتخب عضواً في البرلمان. وإذ كان له صديق سجن بسبب الدين ومات في سجنه بالجدري الذي أصابه فيه، فقد أقنع مجلس العموم بتعيين لجنة-عين على رأسها-للتحقيق في أحوال سجون لندن. وأفزع القذر والمرض والفساد والظلم الذي أماط التحقيق اللثام عنه ضمير إنجلترا لحظة. فرفت بعض الحراس الذين وجه إليهم أكثر اللوم، وخففت بعض اللوائح الجديدة من المفاسد القديمة، ولكن معظم المساوئ بقي على حاله، وكان على الإصلاح الحقيقي للسجون أن ينتظر مجيء جون هوارد والربع الأخير من القرن الثامن عشر. واتجه أوجثلورب إلى الهجرة وسيلة لتخفيف وطأة الفقر في إنجلترا. ففي ١٧٣٣ أسس مستعمرة جورجيا، وعمل فترة والياً عليها، فحظر استيراد العبيد، ورحب بالمورافيين، وجون ويسلي، واللاجئين البروتستنت من النمسا. ولما عاد إلى إنجلترا والبرلمان، حصل على قانون يعفي المورافيين الإنجليز من حلف اليمين أو حمل السلاح. وأصبح الصديق الحميم لجونسون، وجولدسمث، وبيرك، وعمر إلى التاسعة والثمانين. وتوج الشاعر بوب هامته بيتين فقال فيهما "إن إنساناً يدفعه حب الخير الشديد سيطير مثل أوجثلورب من قطب إلى قطب (٨٥) ".
[٦ - آداب السلوك]
ظل الرجال الذين يتنزهون في الحدائق العامة أو في بل مل-كما كانوا أيام اليزابيث أو عودة الملكية-هم الجنس الأفخم هنداماً. يرتدون-في غير العمل أو البيت-قبعات مثلثة الأركان ممالة، تزهو غالباً بالشراريب أو الأشرطة أو العقد، ويعقصون غدائرهم بـ "فيونكات" جميلة خلف العنق، أو يغطون رءوسهم بباروكة مبدرة. وكانت ستراتهم الجميلة التي تحدث حفيفاً حول ركبهم تزهو بأزرار قصد بها أن تبهر الناظر أكثر مما تربط السترة، وكانت الأكمام المصنوعة من القماش المقصب الفاخر تعلن عن ثراء لابسها أو طبقته. واجتذبت صداريهم المزوقة الأنظار بألوانها الفاقعة-الصفراء أو البرتقالية أو القرمزية أو القرنفلية أو الزرقاء-وتدلت منها دلاية ساعة من الذهب على سلسلة ذهبية.