وفي ٩ مارس ١٨١٢ أدفأ قلبه اُلمحبَط بالتنبؤ برؤيا فخورة:
سيظل خيال الفرنسيين طوال الخمسمائة سنة القادمة عامراً بذكراي. إنهم لن يتحدثوا إلا عن عظمة معاركنا العبقرية. فليكن الله في عون من سيجرؤ على الحديث عني بشكل سيء.
[٥ - المعركة الأخيرة]
أدت الاضطرابات الداخلية ونقص التدريبات البدنية إلى أن أصبح نابليون شيخا هَرِماً وهو لا يزال في سني الأربعين. لقد أدّى إصرار لو Lowe على أن يقوم جندي بريطاني بمتابعة الإمبراطور أينما ذهب بحصانه خارج حدود لونجوود إلى غضب الأسير (نابليون) فتحاشى الخروج للتريّض بحصانه أو في عربته. كما أن وجود العسس على مرأى من غرفه جعله يطيل المكث وراء الأبواب المغلقة، كما أدّى عزوفه عن الحياة وأمله ألاّ يطول مقامه في الدنيا إلى سكون وعدم نشاط. لقد كتب بيرتران في سنة ١٨١٨:
"مضى مائة يوم منذ … خرج من المنزل" وذكر لا كاس أن الدورة الدموية للإمبراطور كانت تعاني صعوبات إذ انخفض نبضه إلى ٥٥ نبضة في الدقيقة.
وفي سنة ١٨٢٠ بدأ العمل في زراعة حديقة، وهاجم مشاكله بشجاعة حربية وانضباط. لقد جنّد كل مستعمرته للعمل في المشروع فسعدوا بالخروج على روتينهم اليومي وانخراطهم في الحفر وجر عربات المزرعة والزرع والري وإزالة الأعشاب الضارة. وبادر السير هدسون لو - في مبادرة ودية منه - إلى إرسال النباتات وأدوات الزراعة لسجينه. وازدهرت الحديقة فسرعان ما أنبتت خضروات طازجة راح نابليون يأكلها ببهجة. وتحسنت صحته بشكل ملحوظ. لكن بعد أن تمّ استهلال محصول الحديقة وساد الطقس السيئ عاد نابليون إلى كسله قابعا خلف الأبواب.
وسرعان ما عاودته الآلام وحاصرته في جبهات عديدة: آلام في الأسنان، صداع، طفح جلدي، تقيّؤ، دوسنتاريا dysentery، برودة أطراف، وساءت قرحته، وداء السرطان الذي تبين أنه مصاب به بعد تشريح جثته، اتضح أنه كان قد بدأ يُسبب له آلاما متواصلة. لقد أثرت هذه المعاناة الجسدية في مزاجه بل وحتى في عقله، فأصبح متشائما سريع الهياج، مُحِسّا