يرى هينرش فون تريتشكي Heinrich Von Treitschke، وهو بروسي وطني متحمس لبروسيا، ومع ذلك فهو مؤرخ عظيم (لم تُبعده وطنيته عن النظرة الموضوعية اللازمة للمؤرخ) أنه:
"لم يحدث أبداً منذ أيام لوثر Luther أن أصبحت ألمانيا في هذه المكانة المرموقة في أوروبا كما هي عليه الآن (١٨٠٠) حيث أصبح أعظم أبطال العصر وأعظم شعرائه من أُمّتنا " (ألمانيا).
قد نصنّف فريدريك Frederick كمنتصر في درجة أدنى من نابليون، ولكن الذي لا شك فيه أن السَّناء المنبعث من جوته Goethe وشيلر Schiller كان لا يُضارعه سناء في مضمار الشعر والنثر من ادنبره إلى روما. وقد اهتز العقل الأوروبي من لندن إلى سان بطرسبرج بفكر الفلاسفة الألمان من كانط ومروراً بفيتشه Fichte وشيلنج Shelling وهيجل إلى شوبنهاور. لقد كانت ألمانيا تشهد عصر نهضتها الثاني.
لقد كانت ألمانيا - مثل إيطاليا في القرن السادس عشر - ليست أمة إن كان المقصود بالأمة مجموعة من الناس يعيشون في ظل قوانين واحدة وحكومة واحدة. لقد كانت ألمانيا في سنة ١٨٠٠ سلسلة غير محكمة (غير متماسكة) من نحو ٢٥٠ دولة لكل منها قوانينها الخاصة وضرائبها الخاصة، وكثير من هذه الدول كان لكل منها جيشها الخاص، وعملتها الخاصة، ودينها الخاص بل وعاداتها الخاصة ولباسها، وكان بعضها يتحدث لغة (ألمانية) غير مفهومة لنصف العالم الألماني. إلا أن اللغة الألمانية المكتوبة كانت على أية حال لغةً واحدة مما أتاح لكتاب ألمانيا قرَّاءً من ثلث القارة الأوروبية.