للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثاني

[الحكومة الآشورية]

النزعة الاستعمارية - الحروب الآشورية - الآلهة المجندة - القانون

لذة الانتقام والتعذيب - الإدارة - عنف ملوك الشرق

إذا جاز لنا أن نأخذ بالمبدأ الاستعماري القائل أن سيادة حكم القانون، ونشر الأمن، والتجارة، والسلم في العالم تبرر إخضاع كثير من الدول طوعا أو كرها لسلطان حكومة واحدة، إذا جاز لنا أن نأخذ بهذا المبدأ كان علينا أن نقر لأشور بذلك الفضل الكبير، وهو أنها أقامت في غرب آسية حكما كفل لهذا الإقليم قسطا من النظام والرخاء أكبر مما استمتع به هذا الجزء من الأرض في ما نعلم قبل ذلك العهد. ذلك أن حكومة أشور بانيبال التي كانت تضم تحت جناحيها بلاد أشور، وبابل، وأرمينية، وميديا، وفلسطين، وسوريا، وفينيقية، وسومر، وعيلام، ومصر كانت بلا جدال أوسع نظام إداري شهده عالم البحر الأبيض المتوسط أو عالم الشرق الأدنى حتى ذلك العهد؛ ولم يدان أشور بانيبال فيه إلا حمورابي أو تحتمس الثالث، ولم يضارعه قبل عهد الإسكندر إلا الفرس وحدهم. وكانت هذه الإمبراطورية تستمتع بقسط من الحرية، فقد احتفظت مدنها الكبرى بحظ موفور من الحكم الذاتي المحلي، كما احتفظت كل أمة فيها بدينها، وقوانينها وحاكمها، ما دامت لا تتوانى عن أداء الجزية المفروضة عليها (٢١). ومن شأن هذا النظام المفكك أن يؤدي كل تراخ في سلطته المركزية إلى الثورات الشعبية أو في القليل إلى بعض التراخي في أداء الجزية، وكان لابد والحالة هذه من إعادة فتح البلاد المرة بعد المرة. وأراد تغلث فلاصر أن يتحاشى خطر