للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[البابا السعيد]

وبدأ ليو عمله بداية طيبة إلى أبعد حد، فعفا عن الكرادلة الذين دبروا مؤتمر بيزا وميلان المعادي له، وانتهى بذلك خطر الانقسام؛ ووعد ألاّ يمس الضياع التي يتوفى عنها الكرادلة، ووفى بهذا الوعد. وأعاد افتتاح مجلس لاتران، ورحب بمندوبيه بلغته اللاتينية البليغة. وأدخل على الكنيسة بعض إصلاحات صغيرة، وخفف الضرائب؛ ولكن مرسومه الذي دعا فيه إلى الإصلاحات الكبرى (٣ مايو سنة ١٥١٤) لقي مقاومة شديدة من الموظفين الذين كانوا يخشون من أن تنقص هذه الإصلاحات من دخلهم، ولهذا لم يبذل جهداً كبيراً في تنفيذه (٩) وقال في هذا: "سأتدبر الأمر، لأرى كيف أستطيع أن أرضي كل إنسان" (١٠) لقد كان هذا هو طبعه، وكان طبعه هذا سبباً فيما حاق به من بلاء.

وليست الصورة التي رسمها له رفائيل (المحفوظة في بتي) والتي أخرجها بين عامي ١٥١٧ و ١٥١٩ مشهورة شهرة صورة يوليوس، ولكن ليو نفسه ملوم على هذا بعض اللوم! فقد كان حين صور أقل عمقاً في التفكير، وأقل بطولة في العمل، وأقل قدرة في قرارة نفسه. ولم تكن هذه الصفات لتكسب ظاهر وجهه وجسمه روعة وجلالاً. وكانت الصورة صادقة إلى أبعد حدود الصدق. فقد أظهرته رجلاً ضخماً، يتجاوز الحظ الأوسط في الطول، كما يتجاوزه أكثر من هذا في وزن الجسم. وقد اختفت بدانته التي تقلل من هيبته تحت ستار ثوبه المصنوع من المخمل الأبيض والموشى بالفراء الثمين، والحرملة الحمراء القرمزية؛ له يدان ناعمتان رخوتان، جردتا في الصورة من الخواتم الكثيرة التي تزينهما في الأوقات العادية؛