لما علمت بلاد اليونان بموت الإسكندر اندلع لهيب الثورة على سلطان مقدونية في جميع أنحائها. ونظم أهل طيبة المنفيون في أثينة قوة من الوطنيين وحاصروا الحامية المقدونية المرابطة في كدميا. وفي أثينة نفسها، حيث كان الكثيرون يتضرعون إلى الآلهة أن تقضي على الإسكندر، توج أعضاء الحزب المعادي للمقدونيين رءوسهم بأكاليل الغار حين أحسوا بأن دعاءهم قد استجيب، وأخذوا يقصفون ويمرحون لموت مَن كانوا قبل موته يتخذونه إلهاً يُعبد، وينشدون، كما يقول بلوتارخ "أناشيد النصر كأنهم قد فازوا عليه بشجاعتهم"(٤٢).
وكان دمستين في هذه اللحظة القصيرة في ذروة مجده؛ ذلك أن أموره في خلال حروب الإسكندر لم تكن كما يحب: فقد اتهم بأنه قبل رشوة كبيرة من هربالوس Harpalus وزج في السجن، ثم سُمح له بالفرار وعاش تسعة أشهر يقاسي آلام النفي في تريزن Troezen. فلما مات الإسكندر استدعى من منفاه وأرسل في مهمة سياسية إلى البلوبونيز ليعقد حلفاً لأثينة يعاونها في حرب الاستقلال والحرية. وزحفت قوة متحدة نحو الشمال والتقت بجيش أنتباتر عند كرانون Crannon ودارت عليها الدائرة. وفرض الجندي الطاعن في السن، الذي لم يكن كالإسكندر يشعر بشيء من العطف على الثقافة الأثينية، أفدح الشروط على المدينة المهزومة، فطلب إليها أن تتحمل جميع نفقات الحرب، وأن تقبل فيها حامية مقدونية، وتلغي دستورها الديمقراطي ومحاكمها، وتُحرم من حق الانتخاب، وتنقل إلى المستعمرات الخارجية كل المواطنين (٠٠٠ ر ١٢ من ٠٠٠ ر ٢١)