للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤ - النظام الإداري]

حلت القرعة منذ عام ٤٨٧ أو قبله محل الانتخاب في اختيار الأركونين، ذلك أنه كان لا بد من إيجاد طريقة ما لمنع الأغنياء أن يجدوا سبيلهم إلى هذا المنصب بالمال، ومنع السفلة أن يصلوا إليه بالملق والدهان. وأرادوا مع هذا ألا يجعلوا الاختيار وليد المصادفة المحضة، فكانوا يفرضون على جميع من تقع عليهم القرعة أن يجتازوا قبل القيام بواجباتهم اختباراً صارماً في الأخلاق (Dokimasia) أمام المجلس أو المحاكم. فكان على الطالب أن يثبت أنه من أبوين أثينيين، وأنه سليم من العيوب الجسمية والخلقية، يكرم أسلافه ويقوم بواجباته العسكرية، ويؤدي الضرائب كاملة. وكانت حياته كلها في هذه المناسبة عرضة للاتهام من أي مواطن. وما من شك في أن التعرض لهذين الفحص والاتهام كان يرهب أدنياء الناس غير الجديرين بهذا المنصب. فإذا اجتاز الأركون هذا الاختبار كان عليه أن يقسم بأنه سيضطلع بأعباء منصبه على خير وجه، وبأنه سيقدم للآلهة تمثالاً من الذهب بالحجم الطبيعي إذا قبل هدية أو رشوة (٥٤) من أحد. على أن ما كان للمصادفة من أثر كبير في اختيار الأركونين التسعة ليدل على ما آل إليه هذا المنصب من الصغار بعد أيام صولون، فقد أصبحت اختصاصاته في الوقت الذي نتحدث عنه لا تعدو العمل الإداري الرتيب، ولم يكن الأركون باسليوس الذي ظل يحمل لقب الملك من غير أن يؤدي عمله أكثر من كبير الموظفين الدينيين في المدينة. وكان على الأركون أن يحصل على اقتراع بالثقة من الجمعية، وكان في وسع أي إنسان أن يعرض أعماله ويستأنف أحكامه إلى البول أو الهيلية؛ وكان في مقدور أي مواطن أن يتهمه بسوء استخدام سلطته، وإذا انتهت مدة توليه منصبه، بحثت أعماله الرسمية، وحساباته، ووثائقه، لجنة من الحاسبين مسئولة أمام المجلس، وكان معرضاً لأشد العقاب، الذي كان يصل