للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك الشهر ذهب هو وتيشباين إلى نابلي وارتقى فيزوف مرتين؛ وفي محاولته الثانية غطى ثوران صغير للبركان رأسه وكتفيه بالرماد. ووجد متعة عظمى في الأطلال الكلاسيكية في بومبي، وبهت للجلال البسيط الذي رآه في المعابد اليونانية ببايستوم. فلما عاد إلى روما ركب البحر إلى بلرمو، ومضى ليدرس المعابد الكلاسيكية في سجسته وجرجنتي (أجرجنتو)، ووقف في المعبد اليوناني بتاورمينا، ثم قفل إلى روما في شهر يونيو. فلما تعاظم افتتانه بـ "أروع مدينة في العالم كله" (٧٣). أقنع الدوق كارل أوجست بأن يواصل دفع راتبه حتى نهاية ١٧٨٧. فلما أن نفدت المهلة راض نفسه ببطء على العودة إلى الشمال. فغادر روما في ٢٥ أبريل ١٧٨٨، وسافر على مهل عبر فلورنسة وميلان وكومو حتى بلغ فايمار في ١٨ يونيو. وكان كل يوم يتساءل كيف يستقبل الدوق، والحاشية، وشارلوته، رجلاً يحس أنه تبدل إنساناً آخر.

[٥ - جوته في الانتظار]

١٧٨٨ - ١٧٩٤

كان الدوق قد عين رئيساً جديداً للمجلس بموافقة الشاعر الغائب؛ والآن أعفي جوته بناء على طلبه من جميع واجباته الرسمية عدا منصب وزير التعليم، ولم يخدم المجلس بعدها إلا بصفة استشارية. وكان الدوق لطيفاً معه، ولكنه كان قد اتخذ أخصاء غيره، ثم أنه لم تعجبه العواطف الشبيهة بالنزعات الجمهورية التي استشفها من "إجمونت" بعد أن أعاد الشاعر كتابتها. أما جمهور القراء قد نسي جوته أو كاد؛ وأقبل على شاعر جديد يدعى شيلر، وصفق بحماسة لتمثيلية "اللصوص" الزاخرة بروح التمرد والعنف الذي اتسمت به الحركة "الزوبعية"، والذي بدأ الآن سخيفاً فجافى عين شاعر يتأهب للتبشير بالنظام والقصد الكلاسيكيين. وأما شارلوتة فون شتين فقد استقبلته ببرود. وأنكرت طول غيابه، وتمهله في العودة، وتحمسه المتصل لإيطاليا، ولعلها سمعت بـ "موديلات" روما. كتبت تقول إن لقاءهما الأول عقب وصوله كان "زائفاً كل الزيف في طابعه، ولم نتبادل شيئاً غير الملل" (٧٤). ورحلت لتقيم فترة في كوخبرج، وصار جوته حراً في التفكير في كرستيانة فولبيوس.