للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

[أكسانوفون]

إذا كان أثر "الشيخ الفصيح" في ساسة عصره قابلاً للشك، فإن أثره في الأدب كان أثراً عاجلاً وخالداً (١). وكان المؤرخون أول مَن أحسوا بهم، فلقد قلده أكسانوفون وغيره من المؤرخين في الصورة التي رسمها لإفجروس Evagoras (٢) ؛ وأصبحت السير من بعده فناً شائعاً من فنون الأدب اليوناني، بلغت غايتها في روائع بلوتارخ الثرثارة. وقد عهد إسقراط إلى تلميذ من تلاميذه يدعى إفورس Ephorus أن يضع تاريخاً عاماً لبلاد اليونان - لا يؤرخ حوادث دولة واحدة من دوله بل يؤرخ لبلاد اليونان بوجه عام. وقام إفورس بما عهد إليه خير قيام وأجاده إجادة حملت معاصريه على أن يضعوا كتابه "التاريخ العام" في مستوى كتاب هيرودوت. وخص إسقراط تلميذاً آخر هو ثيوبمبس الطشيوزي بتأريخ الحوادث القريبة العهد، فصدع ثيوبمبس بالأمر ووصف هذه الحوادث في كتابيه الهلينيكا والفلبيكا وهما مؤلفان رائعان يمتازان بحيويتهما وعباراتهما اللاذعة، وحازا إعجاب معاصريه. وكتب دسياركس Dicaearchus المسانى (of Messana) حوالي عام ٣٤٠ تاريخاً للحضارة اليونانية عنوانه حياة اليونان (Bios Hellados) . ألا ما أقدم هذه المغامرة التي أقدمنا نحن عليها، وما أعظم الشبه بين ذلك العمل القديم وعملنا هذا الذي يتفق معه حتى في الاسم.

ولم يخلد من مؤرخي القرن الرابع أحد غير أكسانوفون. ويصفه ديوجانس ليرتيوس في شبابه بقوله:


(١) لقد بنا شيشرون، وملتن، وماسيون، وجرمي تيلر، وإمندبيرك أسلوبهما النثري على الجمل المتزنة الطويلة التي هي من خصائص أسلوب إسقراط.
(٢) الطاغية المستنير الذي أدخل الثقافة اليونانية في قبرص ٤١٠ - ٣٨٧.