كانت إنجلترا تشغى بالطباعة على الأقل إن لم تشغ بالأدب. ففضلاً عن زيادة سكانها، لا سيما في المدن وخصوصاً في لندن، كان الإلمام بالقراءة قد انتشر بينهم باعتباره ضرورة للتجارة والصناعة وحياة المدينة. وعكفت البورجوازية المزدهرة على قراءة الكتب تميزاً وترويحاً، وعكفت النساء على الكتب فوفرن القراء والحوافز لرتشاردسن والرواية. وزاد من جمهور القراء المكتبات الدائرة، التي أنشئ أول مكتبة فيها يعيها التاريخ المدون في ١٧٤٠، وسرعان ما أصبح عددها اثنتين وعشرين في لندن وحدها. وبدأت الطبقة الوسطى الجماعية تحل محل الطبقة الأرستقراطية الفردية بوصفها راعية للأدب، وهكذا استطاع جونسن أن يهزأ بتشسترفيلد. ولم تعد الإعانات الحكومية تتحكم في كبار الأقلام بالمغريات السياسية-كما حدث من قبل مع أديسون وسويفت وديفو.
وشحذت شهية الجمهور للأخبار تلك الصراعات المرة بين الأحرار والمحافظين، وبين الهانوفريين والاستيوارتيين، وتورط إنجلترا المتزايد في الشئون الأوربية والاستعمارية، وأصبحت الجريدة قوة يعتد بها في تاريخ بريطانيا. ففي ١٧١٤ كان هناك إحدى عشرة جريدة تصدر بانتظام في لندن، وأكثرها أسبوعي، وفي ١٧٣٣ زادت إلى سبع عشرة، وفي ١٧٧٦ إلى ثلاث وخمسين. وكان كثير منها تعنيه الأحزاب السياسية، فكلما رفع الشعب صوته اشترت الأقليات الموسرة الجرائد لتملي أفكارها. واشتملت كل الجرائد تقريباً على إعلانات. وخصصت "الديلي أدفرتيزر" التي أسست في ١٧٣٠ أول الأمر