للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[جوفنال]

ومما يؤسف له أن جوفنال يؤيد تاستس ويعزز أقواله. فالذي يكتبه ثانيهما عن الزعماء والشيوخ في نثر حاد نافذ في الصميم، ينشده أولاهما عن النساء والرجال في شعر لاذع قارص.

كان دسيمس جونيوس جوفنالس Decimus Junius Juvenalis إبن أحد المعاتيق الأثرياء. وقد ولد في أكوينم Aquinum من أعمال لاتيوم Latium في عام ٥٩. وجاء إلى رومة يطلب العلم، وأخذ يمارس في صناعة المحاماه "ليتسلى بها". وتدل أشعاره الهجائية على ما ينتاب الأذواق الريفية من دهشة وصدمة إذا ما إلتقت بصخب حياة المدن المنحلة. ولكن يبدو مع هذا أنه كان صديقاً لمارتيال، الذي تدل فكاهاته على أنه لم يكن من دعاة الأخلاق الفاضلة. وتقول إحدى الروايات غير الموثوق بصحتها إن جوفنال ألف قبل موت دومتيان بزمن قليل قصيدة هجائية فيما للراقصات من أثر في البلاط ووزعها على أصدقائه، ويقال إن باريس الممثل الهزلي الصامت أغضبه هذا فسعى يعمل على نفيه إلى مصر. ولسنا نستطيع أن نجزم بصحة هذه القصة، كما أننا لسنا واثقين من تاريخ عودة جوفنال إلى رومة. ومهما يكن من أمر فإنه لم ينشر شيئاً حتى مات دومتيان. وقد ظهر المجلد الأول من قصائده الهجائية الست عشرة في عام ١٠١، ثم ظهر الباقي منها في أربعة مجلدات على فترات متقطعة في أثناء حياته الطويلة، وأكبر الظن أنها كانت ذكريات من عهد دومتيان الذي لم يعف الشاعر عما لحقه من أذى فيه، ولكن الحقد وهو السبب في وضوحها وقوتها وارتيابنا في صدقها ليوحي بأن سني "الأباطرة الصالحين" القليلة لم تمح المساوئ التي يندد بها. أو لعله