أو عيد (١)، بل أن الكاردينال نفسه عندما قدم من أسبانيا إلى بروكسل (١٦٣٥) استقبلوه بالمهرجانات التي دامت لعدة أيام، وسط زخارف فخمة صممها روبنز نفسه. ووصف زائر إيطالي مدن الفلاندرز قبل الثورة بأنها "سلسلة لا تنقطع من الاجتماعات البهيجة والأعراس وحلبات الرقص، مع أنغام الموسيقى والأغاني المرحة في الشوارع (٢) "، ولم تستلم كل هذه الروح للحرب. فإن الألعاب التي صورها بروجل كانت لا تزال تقام في الشوارع، واستمعت الكنائس مرة أخرى للقداسات المتعددة النغمات والأصوات التي كانت قد جعلت المنشدين الفلمنكيين، يوماً، مرغوباً فيهم في كل البلاد. ودخلت الفلاندرز أبهى عصورها.
[٢ - الفن الفلمنكي]
تضافرت الحاشية والكنيسة، والنبلاء وأبناء الشعب في البذل من أجل إحياء الفن الفلمنكي، ورعى البرت وإيزابل وشجعا كثيراً من الفنانين، إلى جانب روبنز. وكانت أنتورب لفترة من الزمن مركز الفن في أوربا، واستعاد قماش بروكسل المزركش (النسيج المطرز بالكانفاه) امتيازه وتفوقه، مستعيناً برسوم روبنز البطولية. وكان صانعو الزجاج البنادقة قد جلبوا فنهم إلى الأراضي الوطنية في ١٥٤١، وأنتج الصناع المهرة المحليون منه الآن قطعاً هشة آية في الإعجاز، كان بعضها محل إعزاز وإعجاب إلى حد أنها غالبت قروناً من الفتنة والشغب فغلبتها، وأبدع صناع المعادن أعاجيب من نسج أفكارهم وأيديهم، مثل الآنية المعدنية الفاخرة التي تحفظ فيها الذخائر الدينية، التي يمكن أن توجد في الكنائس الكاثوليكية في بلجيكا، وألحت الأرستقراطية التجارية في طلب القطع الفنية: وجلسوا أمام المصورون، وشيدوا قصوراً فخمة، ودوراً للبلدية، لمثل تلك التي شادها كرنيلي دي فرندت تمجيداً لأنتورب (١٥٦١ - ١٥٦٥) قبل العاصفة. ولما جرد المتعصب الذميم الكنائس من