للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آيات الفن، بات هؤلاء التجار الأرستقراطيون يشدون من أزر المراسم ويرعونها في لهفة وحماس، يلحون في طلب التماثيل واللوحات ليصوروا العقيدة للشعب.

ولم يزدهر فن النحت هنا، لأن فرنسوا دوكيسنوى، ابن بروكسل، أنجز معظم أعماله في رومة حيث نحت تمثالاً ضخماً لسانت أندروز بداخل كنيسة القديس بطرس، وإن نفراً قليلاً من السائحين الذين يحرصون على رؤية "أقدم مواطني بروكسل"، نافورة مانكن بس Manneken Pis (١٦١٩) - تمثال برونزي لصبي يزيد في مياه المدينة من موارده الخاصة-يعملون أن هذا هو أبقى روائع دوكيسنوي على الزمن.

أما المصورون الفلمنكيون فإنهم يجلون عن الحصر، وواضح أن كل بيت في الأراضي الوطيئة كان عليه أن يقتني لوحة أصلية، وأنكب ألف فنان في مائة مرسم على تصوير الأشخاص والمناظر الطبيعية والحيوانات والمؤن والأساطير والعائلات المقدسة وصلب المسيح، أما إسهامهم المتميز في تاريخ الفن فهو صور جماعية للهيئات البلدية، وصور تمثل الحياة المنزلية أو القروية وتأثير هؤلاء الفنانون في أول الأمر بالطرز الإيطالية، فقد أبحرت السفن الإيطالية كل يوم إلى أنتورب، وافتتح التجار الإيطاليون متاجر لهم فيها. وجاء الفنانون الإيطاليون ليهزأوا ويسخروا فأقاموا ليرسموا، وقصد كثير من الرسامين الفلمنكيين إلى إيطاليا للدراسة، واستقر المقام ببعضهم هناك، ومن هؤلاء جوستوس سوستر مانزا أحد أبناء أنتورب، الذي أصبح مصوراً للأشخاص، مقر باوذا حظوة لدى أدواق تسكانيا العظام، وأن بعضاً من أجمل اللوحات في قصر بتي هي ريشة هذا الفلمنكي المفعم بالحيوية، وعاد فرانس فلوريس من دراسته مع ميكلأ نجلو في روما، وأطلق على نفسه بصراحة أنه "روماني" واستساغ التشريح وأخضع اللون للخط، وظل مرسمه في أنتورب لمدة جيل (١٥٤٧ - ١٥٧٠) كعبة للتصوير الفلمنكي وذروته، وقد يكون