للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٣ - روسو والكلفنيون]

لم يبتهج بخطاب روسو الذي وجهه إلى كرستوف بومون غير بعض أحرار الفكر في فرنسا وبعض المتمردين السياسيين في سويسرا. وجاءت من البروتستنت معظم الردود "المفندة" لدعاوى روسو والموجه إلى المؤلف. ورأى قساوسة جنيف الكلفنيون في الخطاب هجوماً على المعجزات وتنزيل الكتاب المقدس، والإغضاء عن هذه الهرطقات معناه التمهيد من جديد للخطر الذي عرضهم له دالامبير. وغضب روسو من إحجام الأحرار الجنيفيين عن الجهر بالدفاع عنه، فأرسل (١٢ مايو ١٧٦٣) إلى مجلس جنيف الكبير يتخلى عن مواطنته.

وقد حضي عمله هذا ببعض التأييد المسموع في ١٨ يونيو رفع وفد إلى الرئيس الأول للجمهورية "احتجاجاً غاية في التواضع والاحترام من مواطني جنيف وسكان مدنها" شكا فيما شكا من مظالم، من أن الحكم الصادر على روسو غير قانوني، وأن مصادرة نسخ إميل من مكتبات جنيف كانت عدواناً على حقوق الملكية. ورفض مجلس الخمسة والعشرين الاحتجاج وفي سبتمبر أصدر المدعي العام، جان روبير ترونشان (أبن عم طبيب فولتير)، خطابات مكتوبة من الريف "للدفاع عن إجراءات المجلس المختلف عليها. وناشد "المحتجون" روسو الرد على ترونشاني. وإذ لم يكن بروسو أي نية في البعد عن الشر، فقد نشر (ديسمبر ١٧٦٤) تسعة "خطابات مكتوبة من الجيل"-وهي رد من بيته الجبلي على أوليجاركية السهل الجنيفي. وكان ساخطاً أشد السخط على القساوسة والمجلس جميعاً، فهاجم الكلفنية كما هاجم الكاثوليكية، وأحرق بذلك معظم جسور من خلفه.

وقد وجه الخطابات من الناحية الشكلية لزعيم المحتجين. واستهلها بتناول الأذى الذي لحق به من جراء الإدانة المتعجلة لكتبه وشخصه، دون أن تتاح له أي فرصة للدفاع. واعترف بعيوب كتبه. "لقد وجدت أنا نفسي الأخطاء الكثيرة فيها. ولست أشك في أن غيري قد يرون فيها أخطاء أكثر