تراجعهم، وفي الخامسة عصراً ساد الفرنسيون وولّى الروس الأدبار فاستقل بعضهم قوارب لعبور النهر، وألقى بعضهم الآخر بأنفسهم في النهر يأسا وخلَّفوا في ميدان المعركة ٢٥،٠٠٠ قتيل وجريح.
وفقد الفرنسيون في هذه المعركة ٨،٠٠٠ لكنهم أحرزوا نصراً حاسماً على الجيش الروسي المتبقي لمواجهة غزو خارجي. وهرب الروس والبروس إلى تيلسيت وفقدوا المئات أثناء الهروب بسبب تقعب الفرنسيين لهم حتى أن جنرالاتهم سألوا اسكندر أن يطلب الهدنة ووافق نابليون وترك جنراله سافاري Savary ليحكم كونيجسبرج ويدبّر أمورها، وتوجه هو نفسه إلى تيلسيت ليعقد سلاما مع ملكٍ منكسر، وقيصرٍ مقصوص الجناح.
٦ - تيلسيت TILSIT: من ٢٥ يونيو إلى ٩ يوليو ١٨٠٧ م
وفي تيلسيت الواقعة على بعد حوالي ستين ميلاً إلى الجنوب الشرقي من كونيجسبرج تواجه الجيشان المتنافسان تواجهاً سليماً، جيش على شاطئ نهر نيمن Niemen والآخر على الشاطئ المقابل، وزاد بينهما التفاهم وروح الصداقة وعلى أية حال فإن الأباطرة المتنافسين - بناء على اقتراح اسكندر - التقوا باحتراس - في خيمة أُقيمت على طوّافة جرى تثبيتها في وسط مجرى النهر. وكان على كل حاكم منهم أن يستقل قارباً ليصل إلى الطوافة، فوصل نابليون إلى الطوافة أولاً (كما كان يتوقع كل جندي فرنسي) واستغرق وقتاً في تفقد الخيمة ورحَّب باسكندر على الجانب الآخر، وتعانقا وواجها جيشيهما الذي راح أفراده يهتفون بحيوية وابتهاج. لقد كان مشهداً جميلاً على حد تعبير مينيفال Meneval الذي كان شاهد عيان.
لقد كان لدى كل واحد من هؤلاء الحكام أسبابه ليكون ودوداً: فجيش نابليون لم يكن في حالة تسمح له بغزو أراضٍ مجهولة لا حد لشساعتها وكثرة رجالها (لم يكن جيش نابليون عُدّةً وعدداً مستعداً لمثل هذا الغزو ولم تكن مؤخرته محمية وكان الدعم المتوقع وصوله من فرنسا - التي تصرخ طالبة السلام - غير مضمون الوصول)، أما اسكندر فكان سعيداً لحصوله على فترة لالتقاط الأنفاس قبل أن يأخذ على عاتقه هزيمة رجل لم تعرف