باسم الله نبدأ الجزء الأول من المجلد الرابع من مجلدات قصة الحضارة السبعة، وقد صدر منها بعد هذا مجلد خامس في حضارة عصر النهضة. أما هذا المجلد فيروي قصة حضارة العصور الوسطى من قسطنطين إلى دانتي، وهي فترة دامت أكثر من ألف عام. وقد أطلق المؤلف على هذا العهد اسم عصر الإيمان لأنه كان عصر العقيدة الدينية القوية، ولأن فيه أضحت المسيحية دين الدولة الرومانية، وفيه ظهر الدين الإسلامي وانتشر في آسية وأفريقية وأوربا، وبلغت الحضارة الإسلامية فيه ذروة مجدها في الشرق والغرب على السواء.
وهذا المجلد الرابع- وإن لم يشمل من الزمن إلا هذه الفترة القصيرة من تاريخ العالم- من أكبر مجلدات هذه القصة؛ فهو في الأصل الإنجليزي يبلغ نحو ألف ومائتي صفحة مقسمة إلى خمس "كتب" سنصدرها باللغة العربية في ستة أجزاء.
وهذه الفترة من أهم الفترات وأبقاها أثراً في تاريخ العالم، وحسبنا أن نعيد ما قلناه من قبل وهو أن فيها ثبتت دعائم المسيحية، وظهر الإسلام، وقام الصراع بين اليهودية والمسيحية. وفيها بدأت أوربا تتشكل، وتحطمت الإمبراطورية الرومانية وظهرت الأمم الأوربية الحديثة، ونشبت الحروب الصليبية، وظهر الإسلام وعم نوره الآفاق، ولاحت تباشير عصر النهضة