وكان في موليير من حب النضال ما لا يدعه يترك هذا النقد كله دون تعليق منه. ففي تمثيلية ذات فصل واحد مثلت في الباليه رويال في أول يونيو ١٦٦٣، واسمها "نقد مدرسة الزوجات" عرض لنا لقاء بين نقاده وتركهم يعربون بعنف عن اعتراضاتهم، ولم يكد يرد عليها إلا بأن يدع النقد يضعف ذاته بمبالغته، وأن يجزيه على ألسنة شخصيات مثيرة للسخرية. وواصل الأوتيل دبورجون "الحرب الكوميدية" بإخراجه هزلية قصيرة سماها "الناقد المعارض"، وهجا موليير الفرقة الملكية في "تمثيلية فرساي المرتجلة"(١٧ أكتوبر ١٦٦٣). وساند الملك موليير في وفاء، ودعاه إلى العشاء (٢٠)، ومنحه الآن معاشاً سنوياً قدره ألف جنيه، لا بوصفه "ممثلاً كوميدياً" بل "شاعراً فذاً (٢١) ". كذلك نصر الزمن موليير، فمدرسة الزوجات تعتبر اليوم أول ملهاة عظيمة في المسرح الفرنسي.
[٤ - غرام طوطوف]
ولكن موليير دفع ثمن حظوته لدى الملك. فلقد أحب لويس ظرفه وشجاعته، فجعله من كبار المنظمين للملاهي في فرساي وسان-جرمان. وقد ملأ أحد هذه المهرجانات المسمى "مباهج الجزيرة المسحورة" أسبوعاً (٧ - ١٣ مايو ١٦٦٤) بألعاب السيف والولائم والموسيقى والباليه والرقص والدراما-وكلها أقيم في حديقة فرساي وقصره تحت أضواء المشاعل والشمعدانات التي تحمل أربعة آلاف شمعة. وكوفئ موليير على جهوده في هذا المهرجان بستة آلاف جنيه. وقد أسف بعض الأدباء لإسراف الملك في استغلال عبقرية موليير لكي يوفر هذا اللهو الخفيف في البلاط، وتصوروا تلك الروائع التي كان من الجائز أن يكتمل نضجها لو أن الشاعر الكامن في الكوميدي أتيح له مزيد من الوقت للتفكير والكتابة. غير أنه كان واقعاً تحت ضغط من فرقته أيضاً، وما كانت شواغله ومسئولياته