للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

[زنوفانيز الإيلائي]

في غرب كروتونا مكانُ لُكري Locri القديمة، ويقول أرسطو إن هذه المستعمرة قد أسسها العبيد والزانون واللصوص الفارون من بلدة لكري في أرض اليونان القارية؛ ولكن لعل الذي أنطق أرسطو بهذا القول هو احتقار العالم القديم للجديد. وساد بين المستعمرين الاضطراب الناشئ من أصلهم الأول، فلجأوا إلى مهبط الوحي في دلفي يطلبون النصيحة فقيل لهم إن عليهم أن يسنوا لأنفسهم قوانين. وربما كان زلوكوس هو الذي أنطق الوحي بما نطق به، لأنه وضع لِلُكري في عام ٦٦٤ قوانين قال إن أثينة أمْلَتها عليه في المنام. وكانت هذه أول قوانين مكتوبة في بلاد اليونان كلها، وإن لم تكن أولى القوانين التي هبطت من عند الآلهة. وبلغ من حب اللكريين إياها أن حكموا على كل من يريد أن يقترح قانوناً جديداً أن يتكلم وفي جيده حبل، حتى إذا رُفض اقتراحه شنق بأقل كلفة من الأموال العامة (١).

وبعد أن يطوف المسافر حول إصبع قدم إيطاليا ويتجه نحو الشمال، يصل إلى رجيو Reggio، وكانت مدينة مزدهرة أسسها أهل مسينا حوالي عام ٧٣٠ ق. م وسموها رجيون Rhegion وعرفها الرومان باسم رجيوم Rhegiom، فإذا اجتاز مضيق مسينا - ولعله هو الذي سمته الأوديسة "سلا وكربديس" Scylla and Charybdis - وصل إلى المكان الذي وقف فيه لوس Laus.


(١) كان اليونان مولعين بهذه الخرافة ولعاً حملهم على أن يذكروها أيضاً عن قوانين كتانا Catana وثورياي Thurü، وشغف ميشيل ده منتائي Michel De Montaigne بهذه الخطة، ولعلها لم تبقَ بعد أن استنفذت غرضها.