٤٥. ٠٠٠. ٠٠٠ جنيه-وهو أربعة أمثال تجارة لندن فيها. (٢٧) قال جاريك: "إن لندن تصلح للإنجليز، أما باريس فتصلح لكل إنسان"(٢٨) وقال فولتير: في ١٧٦٨ "لدينا أكثر من ثلاثين ألف شخص في باريس يهيمون بالفن". (٢٩) هناك كانت عاصمة العالم الثقافية دون منازع.
[٣ - الفيزوقراطيون]
في شقة بفرساي تحت مسكن لمدام دبومبادور وعينها الراعية، تكونت تلك النظرية الاقتصادية التي قدر لها أن تحرك الثورة وتصوغها، وتشكل رأسمالية القرن التاسع عشر.
وكان الاقتصاد الفرنسي يكافح منذ زمن طويل ليشب عن الطرق برغم ما قيد به من أقطمة اللوائح والنظم-التي وضعتها طوائف الحرفيين وكولبير، ومن خرافة كخرافة الملك ميداس، خرافة "المركنتلية" التي خالت الذهب هو الثورة. فسعياً إلى زيادة الصادرات، والتقليل من الواردات وأخذ "الفرق الذي في صالح الدولة فضة وذهباً لدعم القوة السياسية والحربية، كانت فرنسا وإنجلترا قد أخضعتا اقتصاديهما القوميين لشرك من القواعد والقيود أعانت على التنظيم الاقتصادي ولكنها عطلت الإنتاج بتعطيلها الابتكار والمغامرة والمنافسة. كل هذا-كما قال رجال مثل جورنيه وكزنيه، وميرابو الأب، ودوبون دنمور، وطورجو-مناقض كل المناقضة للطبيعة، فالإنسان بطبيعته محب للاقتناء، والتنافس، فإذا حررت طبيعته من الأغلال التي لا داعي لها أدهش العالم بمقدار ما ينتج، وتنوعه، وجودته، يقول الفيزوقراطيين "إذن فلنترك الطبيعة (وهي بالإغريقية Physis) تحكم ( Kratein) ولنترك الناس يخترعون، ويصنعون، ويتجرون وفق غرائزهم الطبيعية"، أو كما قال جورنيه فيما روى "اتركهم يفعلون Laissez Faire ما يرونه هم أصوب ما يكون". وكانت هذه العبارة قديمة فعلاً، فحوالي عام ١٦٦٤، حين سأل كولبير رجل الأعمال لجاندر "ما الذي يجب أن نفعله نحن (أي الحكومة) لمساعدتك؟ أجابه " Nous Laisserfaire" اتركونا نفعله … اتركونا وشأننا. "(٣٠)